============================================================
يسمعه (1) ، فلا يلبث الشيطان أن يختطفه من قلبه فينساه. ومثل الذي وقع على الصفا : مثل الرجل يستمع الكلام فيستمعه ويستحسنه، ثم يفضي إلى قلب ليس فيه عزم على العمل ، فينفسخ من قلبه . ومثل الذي وقع في أرض طيبة فيها شوك : مثل الرجل يستمع إلى الكلام وهو ينوي أن يعمل به ، فإذا اعترضت له الشهوات عندا مواقع الأعمال خنقته، فأفسدته ، فترك استعمال ما نوى أن يعمل به . ومثل الذي وقع في أرض طيبة ليس على ظهر طريق ، ولا فيها شوك ولا على صفا: مثل الرجل يستمع إلى الكلام وهو ينوي أن يعمل به ، فيفهمه، ثم يصبر على العمل به عند مواقع الأعمال، ويجانب الشهوات.
قال أبو عبد الله : فلقد ضرب هذا المثل: فما غادر ما يحب الله تعالى، أن يدل عليه، مما أدب به عباده، لأنه أدبهم بالاستماع والإنصات والنية على الطاعة، والصبر عليها، عند مواقع الأعمال ومجانبة الشهوات، والأهواء المزيلة عن الطاعة والمفسدة ها، وإن آدوها بجوارحهم فاستمع لما أجبتك به ، على ما وصفت من الاستماع ، فإنك إذا استمعت كذلك نفعك الله تعالى بما أجبتك به ، لأن العبد إذا استمع كما يحب الله تعالى (2)، أفهمه الله تبارك وتعالى كما يحب، لأنه عالم بما يستمع به المستمعون، مطلع على اراداتهم (3) وهممهم، ناظر إلى جوارحهم، ألم تسمعه تعالى يعيب من لا يريد الفهم عنه، وأنه بذلك عالم منهم، إذا يقول: (نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى)(4) .
فالله جل وعز مطلع عليك ، يرى همك (5) وما تريد، فألزم قلبك ما أجبتك به وما يحب الله تبارك وتعالى عند نظرك إلى ما كتبته لك ، واستماعك إلى ما أجبتك به (3) يوريك ذلك القيام لله تعالى بحقه باذنه وتوفيقه ولطفه إن شاء الله.
1) في ط: يستمعه.
(4) سورة الإسراء، الآية: 47 .
(2) في ط: إرادتهم.
(5) في ط: هممك.
6) في ط: ما أجبتك عنه. وليس مرادا للمؤلف.
(3) في ط: فإنه.
Sayfa 30