192

============================================================

فالذي يطفىء ذلك ويهيج الكراهة والإباء إذا سارت (1) الفرحة من قبل الطبع الا إذا عقل العبد اللبيب فكرة من عقله في يوم المعاد، وذكر حبط عمله وحاجته يوم فقره وفاقته إلى صافي الحسنات، وأنه لا يقبل إلا ما خلص وصفا من العمل ل وخوف نفسه مقت الله عز وجل، في ساعته تلك ان يطلع على ضميره وقد قبل ما يكره ربه عز وجل به فيمقته، وخاف (2) ما يورث قلبه قبول خطرة الرياء من شدة الرين والقسوة.

فإذا هاج الفكر بالخوف في عقوبة الله عز وجل، في عاجل الدنيا وآجل الآخرة، إن قبل تلك الخطرة هاجت مرارة العقوبة بالذكر على ما سار في القلب من هيجان الشهوة، فكان بعقله أبيأ كارها، وعلى هواه وعدوه رادأ.

فعند ذلك يخاص عمله.

قلت: اكل العباد يرد بهذه المجاهدة والمكابدة والتكلف؟

قال: هكذا في أول بدء المريد، لأن للاخلاص أولا وآخرا .

فأوله مع المجاهدة والمكابدة (3) لقوة الشهوة وضعف العزم، وقلة العادة لاخلاص وطول العادة للرياء.

لان العبد الضعيف منذ عقل في الصبا قبل البلوغ لم يزل في تصنع للعباد ، فإذا أراد فطم نفسه عن العادة وكسر قوة شهوته بضعف عزمه وقلة عادته للاخلاص، آبت النفس واستصصعبت.

فجاهد وكابد، حتى إذا آدمن الرد على نفسه واعتاد الاخلاص ونفى الرياء ل رجع ثواب الإخلاص على قلبه من الله تعالى ، بالنور والبصيرة، وانكسرت النفس حين طال منه منعها ما تحب، ويئس العدو فخنس وانتظر الشهوة والغفلة، وأقبل ر1) في ط: إذا سارت الفرحة. خطأ.

-(2) في ط: وخوف.

(3) انظر باب مكابدة الهوى من كتاب " أعمال القلوب والجوارح" للمؤلف. من تحقيقنا . عالم الكتب - القاهرة.

Sayfa 191