وهو حق إذ أن أسلافنا الأعراب من فرط ما يحبون ماتوا (٣٣١)
يا خليلي حدث عن الشرق قدمًا حين كانت تعظم المعجزات
حين كان القرآن يرجى ويخشى والقوانين آية البينات
حين كان الحديث يتلى ولا يرويه إلا ذوو العقول الثقات
إننا في الزمان نلقى أناسًا في التوضي علومهم قاصرات (٣٣٢)
وهموا بعد يدعون علومًا أنكرتها عصورنا الخاليات (٣٣٣)
ليت شعري ماذا يريدون منا وصنوف الأذى بنا محدقات
بنت مصرهاتي سفورك واغشي كل ناد ولتمل منك الجهات (٣٣٤)
عرفي نفسك الغداة وطوفي لا تفتك الأسواق والحانات
ثم أمي مجالس القوم وادعيهم إلى حيث لا تمل الدعاة
علنًا بالسفور نبني حصونًا شامخات بها ترد العداة
وعسانا نرى البرايا سجودًا لابن مصر وقد علاه الثبات (٣٣٥)
(٣٣١) تهكم بهذا الرأي الفاسد والقول المذموم فهو يصدقهم في ما زعموه من أن السفور سبب للحياة إشارة إلى أن من مات من أعفاء العرب حزنًا وجوى لعجزهم عن رؤية من يحبون نظرًا لأن الحجاب كان يحول دون ذلك فيموت العاشق أو يجن وفي هذا يقول قائلهم:
ما كان أغناني عن حب من من دونه الأستار والحجب
في حين أن السفور الممقوت قد خلط الحابل بالنابل وجعل العاشق متمكنًا ومالكًا لمن يعشقها فانقشع (بفضل)
السفور الأسى والجوى وحل محلهما القرب والنجوى فعم بذلك الشر والبلوى واستوجبوا به غضب الجبار ولا
حول ولا قوة إلا بالله.
(٣٣٢) أي أنهم لا يتقنون الوضوء، أو: لا يتوضئون أصلًا لتركهم الصلاة.
(٣٣٣) وذلك لأنهم مع جهلهم حتى بفقه الوضوء يتقمصون صور العلماء والأحبار ويتشدقون بالنصوص الشرعية بعد تحريفها وتأويلها مدعين أن السفور لا ينافي الدين ويأتون بفهم للنصوص سقيم لم يسبقهم إليه سلف ولا خلف.
(٣٣٤) أمر قصد به التهكم والاستهزاء.
(٣٣٥) أي تركه النوم والخمول.
1 / 190