200

نتاج الفكر في أحكام الذكر

نتاج الفكر في أحكام الذكر

Yayıncı

دار التدمرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م

Yayın Yeri

الرياض - المملكة العربية السعودية

Türler

أصابه، وجعل له ضعف، فليس بملوم، كمن سمع القرآن سماعًا شرعيًا، ولم يفرط بترك ما وجب له من ذلك. ا. هـ.
وقال ابن القيم في المدارج (١) ما نصه: وليس أيضا هذه الحال بلازمة لجميع السالكين، بل هي عارضة لبعضهم، منهم من يبتلى بها، كأبي يزيد وأمثاله، ومنهم من لا يبتلى بها، وهم أكمل وأقوى، فإن الصحابة ﵃، وهم سادات العارفين، وأئمة الواصلين المقربين، وقدوة السالكين، لم يكن منهم من ابتلي بذلك، مع قوة إرادتهم، وكثرة منازلاتهم، ومعاينة ما لم يعاينه غيرهم، ولا شم له رائحة، ولم يخطر على قلبه، فلو كان هذا الفناء كمالًا لكانوا هم أحق به وأهله، وكان لهم منه ما لم يكن لغيرهم.
ولا كان هذا أيضًا لنبينا ﷺ، ولا حالًا من أحواله، ﷺ، ولهذا في ليلة المعراج لما أسري به، وعاين ما عاين مما أراه الله إياه من آياته الكبرى، لم تعرض له هذه الحال، بل كان كما وصفه الله ﷿ بقوله: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم: ١٧، ١٨]. وقال ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠]. وقال ابن عباس: هي رؤيا عين، أريها رسول الله ﷺ ليلة أسري به، ومع هذا فأصبح بينهم لم يتغير عليه حاله، ولم يعرض له صعق ولا غشي، يخبرهم عن تفصيل ما رأى، غير فانٍ عن نفسه، ولا عن شهوده، ولهذا كانت حاله أكمل من حال موسى بن عمران ﵁ لما خر صعقا حين تجلى ربه للجبل وجعله دكًا. ا. هـ.

(١) مدارج السالكين ١/ ١٧٧.

1 / 205