خلفوه بعرصتى طرسوس
مثل ما خلفا أباه بطوس وكانت مدة خلافته عشرين عاما وخمسة أشهر واثنين وعشرين يوما، وأمه مراجل البادغيسية، وهو من الخلفاء الذين منحوا مبلغ ألف ألف درهم لشخص واحد، ولم يحى بعده أحد سنة مقبولة 51.
المعتصم أبو إسحاق محمد بن الرشيد:
كان الخليفة الثامن من خلفاء بنى العباس والسابع والعشرين بالنسبة للنبى (عليه السلام)، أمه أم ولد ماردة بنت شبيب، تولى الخلافة بعد أخيه، وقدم بغداد ونظم أمور الملك، وكان أول من اهتم باستخدام الترك، وشيد سامراء وجعلها دارا للخلافة، وفتح عمورية بلاد الروم، ونقل بلاطه إلى بغداد واشترى تسعين غلاما من الترك، وكان عظيما شجاعا وبلغ من القوة لدرجة أنه يقتلع النقش من اليد بإصبعه، وأسند الوزارة لمحمد بن عبد الملك الزيات، وتوفى فى زمانه أبو نعيم الفضل بن ركين مولى طلحة بن عبد الله فى الكوفة، وبشر بن غياث المريسى وعبد الرحمن بن الرجا البغدادى فى سنة مائتين وتسع عشرة، وفى هذا العام ضرب المعتصم الإمام أحمد بن حنبل ثمانية وثلاثين سوطا؛ ليقول بخلق القرآن.
حكاية:
يقولون إنه لما كانت الغلبة للمعتزلة فى بغداد، قالوا: ينبغى أن يكلفوه حتى يقول القرآن مخلوق، فحملوه إلى قصر الخليفة، وكان الحارس على الباب، قال: أيها الإمام خذ حذرك على أن تكون رجلا شجاعا، فقد سرقت وضربونى ألف عصا ولم أقر حتى وجدت الخلاص فى النهاية، وصبرت على الباطل، فأنت أولى الناس بالصبر على الحق، فقال أحمد: إن هذا الكلام شجعنى، فضربوه وكان شيخا ضعيفا فشدوه بين عاقبين، وضربوه ثمانية وثلاثين سوطا حتى يقول بأن القرآن مخلوق، إلا إنه أبى، وفكوا عنه قيد العذاب فى ذلك الوقت، وكانوا قد قيدوا يديه وجاءت يد من الغيب وربطت قيد عذابه، فلما رأوا هذا أطلقوا سراحه، ومات فى ذلك الوقت ، وقال له قوم فى آخر العمر ماذا نقول فى قوم ضربوك؟، قال: إنهم ظنوا أنى على الباطل، إلا إنهم ضربونى من أجل الحق، فلا خصومة لى معهم فى يوم القيامة إلا هذا الجرح.
Sayfa 173