140

ولما قدم الحسن بن سهل بغداد، كان أبو السرايا غلام هرثمة من رجال الدهر وأبطال المدينة، فقطع مرسومه ومضى إلى الكوفة، وأظهر واحدا من السادات الطالبين المعروفين ويسمى طباطبا وبايعه، وطرد رجال الحسن بن سهل من الكوفة وجعل الخطبة باسمه، فأرسل الحسن بن سهل الجيوش وهزمهم جميعا وقوى أمره، وطلب هرثمة ليجيش الجيش وهزم أبا السرايا، وثار أهل بغداد على الحسن بن سهل وكانوا كارهين له، فأراد هرثمة أن يمضى إلى دار الخلافة؛ ليعرض حال الحسن وتغافله، فكتب الحسن للفضل رسالة وأخبره بحال هرثمة، وقال الفضل للمأمون: كانت ثورة أبى السرايا بأمر من هرثمة ولو كنت طلبته ما خرج أبو السرايا، فأمر المأمون أن يكتبوا ولاية قم له، وأمره بأن يعود من هناك.

وكان هرثمة بسبب ذلك على ثقة بعهد أمير المؤمنين، وقال: أمضى أولا وأجدد عهد الخدمة، وأخبر أمير المؤمنين بحقيقة الأحوال، ولما بلغ مرو، قال الفضل: إن هرثمة لم يطع أمر أمير المؤمنين، ويريد أن يكون خليفة، وبناء على ذلك أمر أن ينزلوه ويأتوا به مقيد اليدين إلى المأمون، ولما أراد هرثمة عرض عذره، لم يدعه الفضل، وأمر أن يلكموه وحملوه إلى السجن وقضوا عليه فى الليل.

ولما كان المأمون يحب نسل النبى (عليه السلام)، استدعى الرضا على بن موسى من بغداد بكل مظاهر الإعزاز، وجعله نائبه وولى عهده، وأرسل الخبر إلى أطراف الدنيا وأخذ البيعة له على أن يكون الخليفة بعد المأمون، إلا إنه لم يقبل، وذات يوم أثناء الحوار ذكر أمير المؤمنين ظلم الحسن بن سهل، وكراهية الخلق له ومبايعته لإبراهيم بن المهدى وأحوال هرثمة وقتله، ولما ذكر هذه الأوضاع مضى بنفسه إلى بغداد من أجل أن يدفع إبراهيم بن المهدى، وأمر أربعة من المشاة على باب سرخس حتى قتلوا الفضل فى الحمام، وقدم طوس من سرخس وزار قبر أبيه، وكان معه الإمام بن موسى الرضا، يقولون: أكل كثيرا من العنب ذات يوم ومرض، وفارقت روحه المباركة جسده، وجزع المأمون على وفاته كثيرا، ويعتقد جماعة من الشيعة أنهم دسوا له السم فى العنب، ودفنوه فى طوس سنة ثلاث ومائتين.

Sayfa 165