المقيم بلذةِ ساعةٍ تذهبُ شهوتُها، وتبقى شقوتُها.
هذا وإنّ من أيام اللذات لو صَفَتْ للعبد من أوَّل عمره إلى آخره لكانت كسحابةِ صَيفٍ تتقشَّعُ عن قليلٍ (^١)، وخيال طَيفٍ ما استتمَّ الزيارةَ حتى آذنَ بالرحيل.
قال الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ [الشعراء/٢٠٥ ــ ٢٠٧]، ومَنْ ظَفِرَ بمأموله من ثواب الله، فكأنَّه لم يُوْتَرْ (^٢) مِن دهره ما كان يُحاذره ويخشاه، وكان عمرُ بن الخطاب ﵁ يتمثل بهذا البيت:
كأنَّكَ لم تُوتَرْ (^٣) مِن الدَّهرِ مرةً ... إذا أنتَ أدركتَ الذي أنتَ طالبُه
فصل
وهذا ثمرةُ العقل الذي به عُرِفَ اللهُ ﷾، وأسماؤُهُ، وصفاتُ كماله، ونعوتُ جلاله، وبه آمن المُؤْمِنُون بكتبِه ورُسلِه ولقائِه
_________
(^١) إشارة إلى شطر بيت: سحابة صيفٍ عن قليل تَقشَّعُ
وهو لابن شبرمة في «البيان والتبيين» (٣/ ١٤٦)، و«عيون الأخبار» (١/ ٥٦)، و«أدب الدنيا والدين» (ص ٤٠). وتمثَّلَ به خالد بن صفوان كما في «العقد الفريد» (٤/ ٣٦)، و«مجمع الأمثال» (١/ ٣٤٤).
(^٢) ش: «لم يوثره» تحريف.
(^٣) ش: «توثر».
1 / 11