وركبٍ سَرَوْا والليلُ (^١) مُرْخٍ رِوَاقَه ... عَلَى كُلِّ مُغْبَرِّ المَوارِدِ قاتم
حَدَوْا عَزَماتٍ ضاعتِ الأرضُ بينَها ... فصَارَ سُراهم في ظُهورِ العَزائم
أَرتْهم نجومُ اللَّيل ما يطلبُونَه ... على عَاتِق الشِّعرى وهَامِ النَّعائم
فأَمُّوا حِمًى لا يَنْبغي لِسوَاهُمُ ... ومَا أَخَذَتْهُم فيه لَوْمَةُ لائِمِ (^٢)
أجابوا مُناديَ الحبيب لمَّا أذَّن بهم حيّ على الفلاح، وبذلوا نفوسَهم في مرضاتِه بذلَ المُحِبِّ بالرضا والسَّماح، وواصلوا السيرَ إليه بالغدوِّ والرَّواح، فحمِدوا عند الوصول مَسْرَاهم، وإنما «يَحْمَدُ القومُ السُّرى عند الصَّباحِ» (^٣). تعبوا قليلًا، فاستراحُوا طويلًا، وتركوا حقيرًا، واعتاضوا عظيمًا.
وضعوا اللذةَ العاجلةَ والعاقبةَ الحميدةَ في ميزان العقل، فظهرَ لهم التفاوت، فرأوا من أعظم السَّفه بيعَ الحياة الطيبة الدائمة في النعيم
_________
(^١) ش: «والركب» تحريف.
(^٢) الأبيات للشريف الرضي في «ديوانه» (٢/ ٣٨٢) باختلافٍ في الرواية.
(^٣) في المثل: «عند الصباح يحمد القوم السرى» كما في «جمهرة الأمثال» (٢/ ٤٢)، و«مجمع الأمثال» (٢/ ٣)، و«المستقصى» (٢/ ١٦٨) وغيرها. يُضرَب للرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة.
1 / 10