وذكر في المصابيح روى عن أم سلمة، ﵂، أن رسول الله ﷺ دعا فاطمة عام الفتح فناجاها فبكت ثم حدثها فضحكت، فلما توفي ﷺ سألتها عن بكائها وضحكها؟ قالت: أخبرني رسول الله ﷺ أنه يموت فبكيت، ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بت عمرنا فضحكت.
ولما توفي صلى الله تعالى عليه وسلم وبويع بالخلافة أبو بكر ﵁ في السنة الحادية عشرة، جاءت فاطمة ﵂ إلى أبي بكر تطلب إرثها مما أعطاها الأنصار له صلى الله تعالى عليه وسلم من أرضهم وما أوصى به إليه صلى الله تعالى عليه وسلم وهو وصية مخيريق عند إسلامه، وهو سبعة حوائط بني النضير، وهو أول من وقف في الإسلام، ومما أفاء الله على رسوله من أرض بني النضير وفدك، ونصيبه من خيبر وما حصن الوطيح، وحصن السلالم، فقال لها أبو بكر: لست بالذي أقسم من ذلك شيئًا، ولست تاركًا شيئًا كان رسول الله ﷺ يعمل به فيها إلا عمته، وأخشى إن تركت أمره أو شيئًا من أمره أن أزيغ، وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة" ولكن أعول من كان رسول الله يعوله، وأنفق على من كان ينفق عليه، وكذلك منه أزواجه صلى الله تعالى عليه وسلم لما جئن يطلبن ثمنهن.
وذكر في (شرح ذات الشفاء) قال: وإنما قال لفاطمة ﵂ الزهراء لطهارتها ووضاءتها، والبتول لانقطاعها إلى الله، أو لانقطاعها بالفضل عن الناس، أو لأنها لم تحض قط.
وتوفيت فاطمة، ﵂، بعد أبيها، ﷺ بستة اشهر، وقال ابن شهاب: بثلاثة اشهر، وقال عمرو بن دينار: بثمانية اشهر، وقال ابن بريدة: بسبعين يومًا، وقيل: بخمس وسبعين ليلةً وقيل: بستة أشهر إلا يومين، وقيل: بمائة يوم، وذلك يوم الثلاثاء لثلاث خلت من شهر رمضان سنة إحدى عشرة، وغسلها علي ﵁ وأسماء بنت عميس وصلى عليها علي ﵂ وقيل: العباس، ودخل قبرها العباس وعلي والفضيل.
وذكر في التبيين: أنها ولدت ثالثًا غير الحسن والحسين فسماه النبي ﷺ محسنًا.
ولما احتضرت قالت لأسماء بنت عميس: إني أستقبح ما يصنع بالنساء يوضع عليها الثوب فيصفها، فأرتها أسماء نعشًا من جرائد كالهودج تصنعه الحبشة فاستحسنته، وأمرت أن تحمل به، وأرادت عائشة ﵂، أن تدخل عليها وهي تغسلها مع علي رضي لله عنه فقالت لها أسماء: لا تدخلي، فششتها إلى أبيها الصديق ﵁ فاعتذرت إليه بأنها أوصت أن لا يدخل عليها أحد.
وكان عمرها ثلاثين سنة، وقال الكلبي: خمسًا وثلاثين فأنكره عبد اله بن الحسن رضي الله تعالى عنه.
[٤٠]
أم كلثوم رضي اله عنها
بنت النبي محمد ﷺ كانت عند عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت (تبت يدا أبي لهب..) قال أبوه: رأسي من رأسك حرام إن لم تفارق بنت محمد، فطلقها اصغر من فاطمة ﵂، وقال مصعب: هي أكبر من رقية، وخالفه أهل الأنساب، تزوجها عثمان بن عفان بعد وفاة رقية سنة ثلاثة من الهجرة، وكان ذلك بعد ما عرض عمر ﵁ حفصة على عثمان وسكت لأنه سمع رسول الله ﷺ يقول: "ألا أدل عثمان على من هي خير من حفصة، وأدلها على من هو خير من عثمان" ثم زوج أم كلثوم ﵂ من عثمان وتزوج ﷺ حفصة، كذا ذكره في الاستيعاب وعقد عثمان، ﵁ على أم كلثوم في سنة الثالثة في ربيع الأول، وبنى بها في جمادى الآخرة.
1 / 59