132

Bahar Bahçesi

الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -

Yayıncı

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

قبول مجهول العلماء لأنه من جملة المجاهيل، لكنّهما خالفاهم في قبول من عدا هذا الجنس، ولهما من الحجج على ما اختاراه ما يمكن الرّكون إليه والاعتماد عليه، لولا عدم الحاجة إلى ذلك، ومحبّة الاحتياط بسلوك أوضح المسالك، وقد ذكرت في «الأصل» (١) لهما حججًا في ذلك، وطوّلت الكلام عليها، وأنا أذكرها في هذا «المختصر» وأحذف من التّطويل فأقول: يمكن أن يحتج لهما بحجج قرآنية، وأثريّة، ونظرية: أما القرآنية: فقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِكْرِ إِنْ كُنتُم لاَ تَعلَمُونَ﴾ [الأنبياء:٧]، فإطلاق هذا الأمر القرآني يدلّ وجوب سؤال العلماء إلا ما خصّه الإجماع وهو: الفاسق المتعمّد؛ وهذا نادر في العلماء، وإن اتّفق ذلك من أحد منهم فهو معروف غير معتمد، وإنّما يصدر منهم من المعاصي ما لم يجمع على [الجرح] (٢) به كما سيأتي/ قريبًا. وأما الأثريّة؛ فقد ورد في ذلك آثار: الأثر الأول: النّبي ﷺ: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله (٣»). روي مرفوعًا مسندًا من طريق أبي هريرة، وعلي بن أبي

(١) «العواصم والقواصم»: (١/ ٣٠٨ - ٣٢٦). (٢) في (أ): «على المجروح»!، وفي (س): «على الخروج»!، والتصويب في (ي). (٣) أخرجه ابن عدي في «الكامل»: (١/ ١٤٧)، ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى»: (١٠/ ٢٠٩)، من طريق الوليد بن مسلم عن إبراهيم العُذري عن الثقة من أشياخه عن النبي ﷺ. وأخرجه العقيلي في «الضعفاء»: (٤/ ٢٥٦)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»: (٢/ ١٧)، وابن حبان في «الثقات»: (٤/ ١٠)، وابن عدي: (١/ ١٤٦)، من طرق عن مُعان بن رفاعة عن إبراهيم العذري عن النبي ﷺ مرسلًا. فالطريق الأول: فيه إبراهيم العذري، وهو مجهول، قال الذهبي في «الميزان»: (١/ ٤٥): «لا يدرى من هو»، وفيه -أيضًا- التعديل على الإبهام، وهو لا يقبل من الثقة! فكيف يقبل ممن لا يدرى من هو؟!. والطريق الثاني: قال الذهبي في «الميزان»: (١/ ٤٥) -لما ذكر هذا الحديث-: «رواه غير واحد عن معان بن رفاعة عنه، ومعان ليس بعمدة، ولا سيما أتى بواحد لا يدرى من هو!. وفيه -أيضًا- الإرسال. والكلام على الحديث طويل الذّيل، وقد جاء من رواية جماعة من الصحابة منهم: أسامة بن زيد، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبي أمامة الباهلي، ومعاذ، وأبي هريرة ﵃ وجميع طرقه لا تخلو من مقال! والراجح ضعفه على قواعد المحدّثين، والله أعلم. فكلام المصنّف ﵀ على الحديث فيه بعض التسمّح، مع تقرير أشياء غير مقبولة، ثمّ البناء عليها، مع عدم قبول الأصل المبني عليه، فليتنبّه!.

1 / 38