64

Tefsir Harikaları

روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)

Yayıncı

دار العاصمة

Baskı Numarası

الأولى ١٤٢٢

Yayın Yılı

٢٠٠١ م

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

Tefsir
والشبهاتِ، وجعلَ في النَّفْسِ داعِيًا إلى حبِّها مع تمكِّنِ العبدِ منهَا وقُدرتِهِ فمن أدَّى الأمانةَ، وحفظَ حدودَ اللَّهِ ومنعَ نفسَهُ ما يُحبُّه من محارمِ اللَّهِ كانَ عاقبتَهُ الجنةُ؛ كما قال تعالَى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١) . فلذلك يحتاجُ العبدُ في هذهِ الدارِ إلى مُجاهدةٍ عظيمةٍ، يُجاهدُ نفسَهُ في الله ﷿ كما في الحديثِ: "المجاهدُ مَنْ جاهَدَ نفسَهُ في اللَّه ﷿ " فمنْ كانتْ نفسُه شريفةً، وهمَّتُهُ عالية لم يرض لَهَا بالمعاصِي، فإنها خيانة ولا يَرْضَى بالخيانة إلا مَن لا نفسَ لهُ. قال بعضُ السلفِ: رأيتُ المعاصِي نذالة، فتركتُها مروَّةً فاستحالتْ ديانةً. وقالَ آخرُ منهُم: تركتُ الذنوبَ حياءً أربعينَ سنةً، ثم أدركنِي الورعُ. وقالَ آخرُ: مَنْ عمِلَ في السرِّ عملًا يستحيي منهُ إذا ظَهَرَ عليه، فليسَ لنفسِهِ عندَهُ قدر. قالَ بعضُهُم: ما أكرمَ العبادُ أنفسَهُم بمثلِ طاعةِ اللَّهِ، ولا أهانوها بمثلِ معاصِي اللَّه ﷿. فمنِ ارتكبَ المحارمَ فقد أهانَ نفسَهُ. وفي المَثَلِ المضروبِ: أنًّ الكلبَ قالَ للأسدِ: يا سيدَ السباع، غيَر اسمِي فإنَّه قبيح. فقال لهُ: أنتَ خائنٌ، لا يصلحُ لكَ غيرَ هذا الاسمِ. قال: فجرّبْنِي. فأعطَاهُ شقةَ لحم، وقالَ: احفظْ لي هذهِ إلى غدٍ، وأنا أغيِّرُ اسمَكَ. فجاعَ، وجعلَ

1 / 87