أما الاسطخسيون فيقولون إن الخلق من العقل منقوض فنسبوا العقل إليه، وسموا العقل الفاعل للنفس معقوله، لا على الانفصال. وأما فيثاغورس وشيعته فيقولون إنه أراد فكان العقل. ونسبوا الإرادة إلى صفات الفعل ونفوها عن صفات الذات. — وأما أفلاطون ومن تقدمه من أئمته فيرون أن الإرادة محيطة بالفعل، وأن الفعل المراد. هذا رأى أفلاطون ومن يأتم به، ما خلا اسقلبيوس فإنه يقدم على الإرادة، التى من أجلها الفعل، مقدمات ويرتب ذلك ترتيبا يكون بين العقل وبين السبب الأول ما بين العقل وقعر الطبيعة. وإنما أخرج فى هذا الكتاب الحكاية عن القوم وأضرب عن البراهين والحجج التى احتج بها كل فريق منهم صفحا، إذ ليس ذلك من جنس الكتاب. وإنما غرض الفيلسوف فى إخراج ما يولف به على حقيقة الكون والتركيب، لا غير ذلك. فمن أراد أن يعرف ذلك بالبراهين والحجج والمقاييس فلينظر فى كتاب الفيلسوف المنسوب إلى البيان والبرهان، وفى كتابى المترجم ب«الإيضاح»؛ فقد أخرجت فى هذين الكتابين هذا السر العظيم من العلم الكبير المشتمل على العلوم بأصح ما تهيأ وأوضح ما أمكن؛ ودققت الكلام وأخرجته مخرجا لا تلحقه الآراء اللطيفة إلا بمشقة وصبر على التبحر.
قال أفلاطون: وإنى وإن عجزت عما أخبرت فمن الحق أن أقول إنى أحطت بما دون ذلك حتى لم يغرب عنى ما أردت.
قال أحمد: كما اعترف بالعجز عن إدراك ما فوق العقل، فكذلك ادعى — ودعواه الحق — أنه لم يفته ما أراد من علم ما دون ذلك.
قال أفلاطون: وتساوى عندى القريب والبعيد لما فى البعيد من السنن المستوى.
قال أحمد: يقول: تساوى عندى إدراك القريب التى هى الطبيعة، والبعيد الذى هو العقل والنفس؛ إذ العقل والنفس يجريان على سداد وتساو، فيكون الرأى أضبط له، والطبيعة وإن تفاوتت فقد جاورها وقرب منها.
قال أفلاطون: ومن أجل العقل والنفس.
Sayfa 200