55

Rasail

رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن

Türler

وهو شيخ كبير رأسه كالثغامة فنفر رسول الله

صلى الله عليه وسلم

منه وقال: «غيروا هذا.» فخضبوه، ثم جاءوا به مرة أخرى فأسلم. وكان أبو قحافة فقيرا مدقعا سيئ الحال، وأبو بكر عندهم كان مثريا فائض المال فلم يمكنه استمالته إلى الإسلام بالنفقة والإحسان. وقد كانت امرأة أبي بكر أم عبد الله ابنه - واسمها نملة بنت عبد العزى بن أسعد عبد ود العامرية - لم تسلم، وأقامت على شركها بمكة وهاجر أبو بكر وهي كافرة، فلما نزل قوله تعالى:

ولا تمسكوا بعصم الكوافر

فطلقها أبو بكر. فمن عجز عن ابنه وأبيه وامرأته فهو عن غيرهم من الغرباء أعجز. ومن لم يقبل منه أبوه وابنه وامرأته لا برفق واحتجاج ولا خوفا من قطع النفقة عنهم وإدخال المكروه عليهم، فغيرهم أقل قبولا منه وأكثر خلافا عليه.

أخبرونا من هذا الذي أسلم في ذلك اليوم من أهل بيت أبي بكر إذا كانت امرأته لم تسلم، وابنه عبد الرحمن لم يسلم، وأبو قحافة لم يسلم، وأخته أم فروة لم تسلم، وعائشة لم تكن قد ولدت في ذلك الوقت لأنها ولدت بعد مبعث النبي

صلى الله عليه وسلم

بخمس سنين، ومحمد بن أبي بكر ولد بعد مبعث الرسول بثلاث وعشرين سنة لأنه ولد في حجة الوداع، وأسما بنت أبي بكر التي قد روى الجاحظ هذا الخبر عنها كانت يوم مبعث رسول الله بنت أربع سنين، وفي رواية من يقول بنت سنتين. فمن الذي أسلم من أهل بيته يوم أسلم؟! نعوذ بالله من الجهل والكذب والمكابرة. وكيف أسلم سعد والزبير وعبد الرحمن بدعاء أبي بكر وليسوا من رهطه ولا من أترابه ولا من جلسائه ولا كانت بينهم قبل ذلك صداقة متقدمة ولا أنس وكيد؟ وكيف ترك أبو بكر عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة لم يدخلهما في الإسلام برفقه وحسن دعائه، وقد زعمتم أنهما كانا يجلسان إليه لعلمه وطريف حديثه؟ وما باله لم يدخل جبير بن مطعم في الإسلام وقد ذكرتم أنه أدبه وخرجه ومنه أخذ جبير العلم بأنساب قريش ومآثرها؟ فكيف عجز عن هؤلاء الذين عددناهم وهم منه بالحال التي وصفنا ودعا من لم يكن بينه وبينه أنس ولا معرفة إلا معرفة عيان؟ وكيف لم يقبل منه عمر بن الخطاب وقد كان شكله وأقرب الناس شبها به في أغلب أخلاقه؟ وإن رجعتم إلى الإنصاف لتعلمن أن هؤلاء لم يكن إسلامهم إلا بدعاء الرسول

صلى الله عليه وسلم

لهم وعلى يديه أسلموا. ولو فكرتم في حسن التأتي في الدعاء ليصحن لأبي طالب في ذلك - على شركه - أضعاف ما ذكرتموه لأبي بكر؛ لأنكم رويتم أن أبا طالب قال لعلي: يا بني الزمه، فإنه لن يدعوك إلا إلى خير. وقال لجعفر: صل جناح ابن عمك. فأسلم بقوله. ولأجله أصفق بنو عبد مناف على نصرة رسول الله

Bilinmeyen sayfa