يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ ١.
وقد علمتم ما قال الرسول فيمن أعتق ستة من العبيد، وما ردّ وأبطل من ذلك، فهو شبيه بمن أوقف ماله كله خالصًا لوجه الله على مسجد أو صوّام أو غير ذلك، فكيف بما هو أعظم وأطمّ من هذه الأوقاف؟
وأما قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ٢، فوالله الذي لا إله إلا هو، إن فعل الخير اتباع ما شرع الله، وإبطال من غير حدود الله، والإنكار على من ابتدع في دين الله؛ هذا هو فعل الخير المعلق به الفلاح، خصوصًا مع قوله ﷺ: " وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل بدعة ضلالة " ٣، وقوله: " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل "، وقوله: " لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فجملوها فباعوها، وأكلوا ثمنها " ٤. فليتأمل اللبيب الخالي عن التعصب والهوى - الذي يعرف أن وراءه جنة ونارًا، الذي يعلم أن الله يطلع على خفيات الضمير - هذه النصوص، ويفهمها فهمًا جيدًا، ثم ينْزلها على مسألة وقف الجنف والإثم، فيتبين له الحق إن شاء الله، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
هذا آخر ما ذكره الشيخ، ﵀، في الرد على من أجاز وقف الجنف، وبيان الوقف الصحيح الموافق لما فعله أصحاب رسول الله ﷺ.
_________
١ سورة النساء الآيتان: ١٣-١٤.
٢ سورة الحج آية: ٧٧.
٣ أبو داود: السنة (٤٦٠٧)، والدارمي: المقدمة (٩٥) .
٤ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٦٠)، ومسلم: المساقاة (١٥٨٢)، والنسائي: الفرع والعتيرة (٤٢٥٧)، وابن ماجة: الأشربة (٣٣٨٣)، وأحمد (١/٢٥)، والدارمي: الأشربة (٢١٠٤) .
1 / 85