46

Rasail Al-Sheikh Al-Hamad fi Al-Aqeedah

رسائل الشيخ الحمد في العقيدة

Türler

الجواب: لا، فالخوف والرجاء متلازمان؛ فكلاهما بريد الفوز بالجنة، والنجاة من النار، فلو سألت من لا يزني من المؤمنين مثلًا مع قدرته على الزنا: لم لا تزني؟ لبادر بقوله: إني أخاف الله، وأرجو ثوابه. ولو سألت المصلي لِمَ تصلي؟ لقال: خوفًا من الله وطمعًا في ثوابه، وهكذا ... فغير الله قد يُحَبُّ ولكن لا يُخاف منه، وقد يُخاف منه ولكن لا يُحب. أما الله ﷿ فيجتمع الأمران في حقه؛ فيُخاف ويحب، فلابد للمؤمن إذًا من الجمع بين الحب، والخوف، والرجاء، والتعظيم. أما العبادة بالحب وحده فلا تكفي، وليست صحيحة؛ لأنها لا تتضمن تعظيمًا لله، ولا خشيةً منه؛ إذ إن صاحبها يجعل الله سبحانه بمنزلة الوالد والصديق، فلا يتورع من اقتراف المحرمات، بل يستهين بها بحجة أن الحبيب لا يعذب حبيبه، كما قالت اليهود والنصارى [نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ] (المائدة: ١٨)، وكما يقول غلاة الصوفية: نحن نعبد الله لا خوفًا من عقابه ولا طمعًا في ثوابه، إنما نعبد الله حبًا له كما عبر بذلك كثير منهم كرابعة العدوية التي تقول: أحبك حبين حبَّ الهوى وحبا لأنك أهل لذاكا فأما الذي هو حب الهوى **** فشغلي بذكرك عمن سواكا وأما الذي أنت أهل له **** فكشفك لي الحجب حتى أراكا (١) وكما قال ابن عربي: أدين بدين الحب أني توجهت **** ركائبه فالحب ديني وإيماني (٢) ولا شك أن هذا مسلك باطل، وطريقه فاسدة، لها آثار وخيمة منها الأمن من مكر الله، وغايته الخروج من الملة؛ فالذي يتمادى في التفريط والخطايا ويرجو رحمة ربه بلا عمل يقع في الغرور، والأماني الباطلة، والرجاء الكاذب.

(١) الصوفية في نظر الإسلام: دراسة وتحليل لسميح عاطف الزين، ص٢٥٧. (٢) الشعر الصوفي إلى مطلع القرن التاسع للهجرة، د. محمد بن سعد بن حسين، ص١٧٢.

2 / 13