Hüzün Mektupları: Güzellik ve Aşk Felsefesi
رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
Türler
أما هذا الصديق فأعرفه أسلوبا من الكبر ولكن على نفسه، ومن الشذوذ ولكن في نفسه، كأنما فتحت أفواه عروقه جنينا وملأتها الوراثة من دم ملك كان في أجداده، مستصعب شديد المراس فهو أبدا في حياته كالملك الذي حالت السيوف والأسنة والقوانين بينه وبين تاجه فجعلت له حياتين يفصل الموت بينهما، اجتمع من تاريخه إنسان بلغ الزمن تحت عينيه نيفا وأربعين سنة، فهو تاريخ أحزان قد استفاضت مسائله في فصول وأبواب جف القلم منها على نيف وأربعين جزءا كلماتها في حوادثها، وأن السطر منها ليرعد في صحيفته من الغيظ، وأن الكلمة لتبكي بكاء يرى، وأن الحرف ليئن أنينا يسمع، وأن تاريخه كله لينتفض؛ لأنه مصيبة ملكية مصورة في ملك. •••
لقد سبق الكتاب وجف القلم الأزلي على علم الله فما أتينا إلى هذه الدنيا إلا ليمثل كل واحد منا فصلا من معاني الشقاء الإنساني في تلك الثياب التي هي ملك لصاحب المسرح، لا نخلعها ونلبسها بل يخلعنا بعضها ليلبسنا بعضها الآخر، فلسنا نبتدع، ولكن يلقى علينا وما نحن بمخترعين ولكننا نحتذي، والرواية موضوعة تامة قبل ممثليها، وضعها ذلك القلم الأعلى الذي كتب مقادير كل شيء كان أو يكون حتى تمحى من صفحة الأرض هذه الأحرف السوداء المتحركة والساكنة
6 ...
والمشكلة الإنسانية الكبرى أن كل إنسان يريد أن يكون بطل الرواية ومثلها البكر حتى ذلك الشخص الذي جيء به لتنزل عليه اللعنة في سياقها، غير أن الرواية مفصلة من قبل، ويأتي فصل اللعنة كما هو بأطرافه وحواشيه وأسبابه ونتائجه فينصب على ممثله جملة واحدة على وجه لا يحس ولا يرى ولا يدفع كما يلبسه النوم فإذا هو يفتل فيه فتلا، وإذا رجل على أعين الناس باللعنة حال وباللعنة مرتحل.
النوم والقدر والموت كالشيء الواحد أو ثلاثتها أجزاء لشيء واحد؛ فالنوم غفلة تخرج الحي هنيئة من الحياة وهو فيها على حالة أخرى، والموت غفلة تخرجه من الحياة كلها إلى حالة أخرى، والقدر منزلة بين المنزلتين يقع هينا على أهل السعادة بأسلوب النوم، ويجيء لأهل الشقاء عنيفا في أسلوب الموت، ولن يجلب شيئا أو يدفع عن نفسه شيئا من هذه الثلاثة إلا الذي لم يخلق على الأرض، ذلك الذي يستطيع أن يفتح عينيه على الليل والنهار فلا ينام، أو يحفظ نفسه على الصغر والكبر فلا يموت، أو يضرب بيديه على مدار الفلك فيمسكه ما شاء أو يرسله. •••
جئنا إلى هذه الحياة غير مخيرين ونذهب غير مخيرين إن طوعا وإن كرها؛ فمد يدك بالرضا والمتابعة للأقدار أو انزعها إن شئت فإنك على الطاعة ما أنت على الكره، وعلى الرضا ما أنت على الغضب؛ ولن تعرف في مذاهب القدر إذا أنت أقبلت أو أدبرت أي وجهيك هو الوجه، فقد تكون مقبلا والمنفعة من ورائك أو مدبرا والمنفعة أمامك، والقدر مع ذلك يرمي بك في الجهتين أيهما شاء.
وحري بمن يوقن أنه لم يولد بذاته أن لا يشك في أنه لم يولد لذاته؛ وإنما هي الغاية المقدورة المتعينة فلا الخلق يتركونك لنفسك ولا الخالق تارك نفسك لك. •••
كذلك كان صديقي وما هو إلا إنسان من الناس، وقد بلغ من العمر أربعة عقود، ولكنه يحس منذ الصغر أنه رجل هرم أو كما يقول بعض الفلاسفة
7
في تعليل ذكاء الأذكياء أنهم يتذكرون ما يرونه ولا يتعلمونه؛ لأن فيهم نفوسا خرجت من الدنيا كاملة ثم رجعت لتزداد كمالا وتلك خرافة؛ ولكن من نقص هذا الإنسان أنه لا يستطيع التعبير عن أكبر الحقائق وأدقها إلا بأسلوب خرافي ...
Bilinmeyen sayfa