Hüzün Mektupları: Güzellik ve Aşk Felsefesi
رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
Türler
فأرسلته على وجهه في كل مذهب من مذاهب الهوى؛ ثم يتفتح لك في صفتها بكل ما تخيل حسه وأحس خياله فيفرغها في القالب الذي لم يخلق الله فيه امرأة قط، ويصبها لعينيك ممثلة من النور السماوي المحض تضيء كل قطرة منه وجه ملك من الملائكة، ثم يجري كلامه فيها شعرا خالدا مطردا كنهر الكوثر في رياض الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت، ثم يتفق لك بعد أن تراها وتجلس إليها وتطارحها ولست من فلكها الذي تعمل فيه جاذبيتها، إذن لرأيته قد غار من أوصافها في بئر من الكذب وتعلق في الحديث عن جمالها بخيوط من الباطل، ونزل من الحقيقة التي كان يذكرها لك منزلة المفلس يظل متسكعا فارغا يتبع نفسه هواها ويتمنى الأماني ولا حقيقة، ولرأيته كالعنكبوت تقضي الأيام الطويلة في نصب أشراكها وحبائلها لأجمل ظبية في عينها ... ثم لا تكون ظبيتها إلا ذبابة، وترد عليه سواد أمره وبياضه كذبا وزورا وتتهم ذوقه وتهجن طبعه وتتقي عليه أن يكون قد تخبطه مس من الشيطان؛ وأنت على ذلك مستيقن أنك تكلمه فيها بأصح لفظ وأوضح معنى وأصدق نصيحة، وأنك تلقي في أذنه براهين المنطق وحجج الفلاسفة، وتصحح له خطأه في رائحة الزهرة بالزهرة نفسها تقول له: ها هي ذه في رياها ونسيمها فأين ما زعمت لها؟ على أنه هو في كل ذلك لا يراك إلا كالأقطع الذي يقدر قياس الباع الطويل ببقايا ذراعيه، والمقعد الذي يضبط قياس الخطوة الفسيحة بمد رجليه؛ والأعمى الذي يفاضل بين لونين؛ ويكذب في رأيه ذا العينين، ويراك مجنونا فاسد العقل أو سخيفا فاسد الذوق أو أحمق فاسد الرأي: وما بك ولا به بأس غير أنك تنظر مدبرا وينظر مقبلا، وتهزأ بتيار البحر؛ لأن قدميك في الشاطئ ويرهبه هو؛ لأنه مندفع فيه منخلع القلب من فورانه وهديره، وأنت تروي فيما وصفت له بلسانك عن عينك عن هذه المرأة؛ وهو يروي فيما صور لك بالسند الطويل: بلسانه عن عينه عن خياله عن آماله عن قلبه عن روحه عن القدر المحتوم عن هذه الحبيبة، وأنت في نفسك كأنما تنظر من الأرض إلى النجم فلا تراه بعلم ولا يقين؛ وهو في نفسه إنما ينظر من فلك النجم إلى النجم ذاته فإذا الكوكب ما هو، وإذا فضاء واسع من النار وجو عميق من المغناطيس ومظهر من القدرة العظمى جماله في هيبته وهيبته في قوته وقوته في جماله، فهو شيء واحد بعضه من بعض. •••
وإذا رحم الله إنسانا من هذا الحب ومن التعلق بالجمال كدر طينته وأغلظ على نفسه بمواد ثقيلة من هموم الحياة وأكدار العيش؛ أو أفرط عليه بآمال النفس وأطماع الحاسة فيشغله بكل ذلك أو بعضه، ويحوطه منه بمثل أكياس الرمل التي يتحصن وراءها المقاتلة فلا تنفذها الطائرات الحمر،
2
بل تنطفئ فيها، ويجعل له من دون العيون الذابلة وألحاظها صدرا مصفحا بما يتساقط في داخله من جوانب نفسه، وما يتصدع من أركان قلبه بين الكمد والهم أو الأمل والطمع أو الجهد والتعب أو الثقل والغلظة أو غيرها من هزاهز العيش ودواهيه؛ فتذهب سطوة الجمال في سطوة المادة؛ وتخضع الإنسان قوة بإفلاته من قوة أخرى، ويهدم من أعلاه ليشد بناؤه من أسفله.
وما من أحد في الأرض يستقيم طبعه على الجمع بين هم الحب وهم الحياة، فإن قام بواحد زاغ من الآخر، لا يبالي به؛ إذ هما حقيقتان متدافعتان كتياري الكهرباء، لو أمكن شيء من المستحيل لما أمكن أن يطردا في سلك واحد أطرادهما في السلكين، فإن لم تكن محامل هذا الجسد
3
خفيفة على النفس من جهات الفكر والهم، وإلا انصبغ الذوق فالتبست ألوانه وخالط بعضها بعضا، وضعفت موهبة التمييز بين المعاني المضيئة، وصار الإنسان هما كافيا لنفسه وعادت النفس هما كافيا لصاحبها فليس بينهما على ذلك موضع لما ليس منهما، وتحول مادة ذلك الهم بغلظتها وجفائها بين السر المعشوق في الجمال والسر العاشق في الروح فلا يدرك منهما شيء شيئا.
فهذا الجمال إن شئت قدرة لا قوة فيها، وإن شئت قوة لا قدرة لها؛ ولو أن الله جعله مجموعا من القوة والقدرة معا لأبطل سنن الطبيعة الإنسانية، ولصار لكل إنسان كون وحده في القلب الذي يرف ليخفق على قلبه؛ ووطن على حياله في الجسم الذي يحن لينضم إلى جسمه؛ ودين على حدة يهبط الوحي فيه نظرات من عينين إلى عينين، وقانون مستقل لا تكون مواده إلا قبلات من شفتين على شفتين، واعلم أن أشقى المخلوقات هم أولئك التعساء الذين يشذون في تاريخ الناس أحيانا، وينفردون دونهم بجنون الحب كما حدثوا عن «مجنون ليلى»
4
إذ يتسلط عليهم الجمال بضرب ممتزج من القوة والقدرة يغمر الطاقة الإنسانية، ثم تجيء أقدار غريبة بين الرحمة والقسوة فتجذب الحب إلى الحب، ولكنها تدفع المحب عن الحبيب، فلا يزال الجمال يسوقهم سوقا عنيفا من ناره إلى باب جنته، ثم يردهم عن باب الجنة إلى النار حتى يصبح الواحد منهم بين العناصر والنواميس المنتظمة في هذا الكون الإنساني كأنه عنصر مجنون أو ناموس مختل. •••
Bilinmeyen sayfa