هل تعرف؟
هل تعرف من هو الذي زور وصيته؟
أليس هو عبده، مكمن أسراره، رهن إشارته ماردو؟
ألم تطلب منه ذلك وأنت باك راكع أمامه؟
كان سلطان قدايا يجلس وحوله حاشيته من الأبناء والأحفاد، يتسابقون في خدمته وراحته. أما الكواكيرو فيجلسون في صف خلف السلطان، وحول كل كواكيرو رجال مجلسه الأخيار وبعض المحاربين القائمين على راحته، أمامهم يمتد الميدان، يحيط بجوانبه الأهالي، ضاربو الطبول يلتزمون بالتقليد المتبع؛ الرقصة الأولى لقبيلة «كا» على إيقاع معروف في العالم الخارجي بالسامبا، وهم يسمونه «اد ودود» ويعني الأسد. يبدءون بقبيلة «الكا» لأنها أبعد القبائل عن مكان الاحتفال وهذا تكريم لهم، وقبيلة «الكا» من آكلي لحوم البشر، فتياتها أجمل من الجنيات، أما رجالها فأقبح ما خلق الله، وتستخدم الفتيات جمالهن كمصيدة لرجال القبائل الأخرى واصطياد البونا، ولو أن «الكا» لا يفضلون لحم البونا لأن به جرثومة البرص، ولأن به رائحة شبيهة برائحة لحم الضبع.
ومن القصص الشعبي المشهور عند قبائل الدغل هي قصة حب فتاة تسمى «جيد» - وهي من «الكا» - لفتى وسيم من قبيلة «فترا»، وكيف أن أسرتها كادت أن تتعشى به لولا أن «جيد» مع صديقاتها هربن به إلى دغل كثيف وبنوا له كوخا آمنا يترددن عليه الواحدة تلو الأخرى إلى أن مات أخيرا. درداب الطبول يحاكي تربص الأسد بحمار الوحش، اقتراب وقوع الضحية، إحساسها الداخلي بالمصير المرعب، رجفة عضلاتها بين ناب الوحش، سعادة الوحش، قفزة، عضة، صرخة الألم، محاولة الخلاص، الاستسلام.
ثم ينتقل الضاربون على الطبل إلى رقصة النسر وهي تخص «شاري»، ثم إلى رقصة الذئب التي تخص قبيلة «لالا»، وهو إيقاع قريب لما يعرف بإيقاع الرقي، ثم إيقاع قبيلة «فترا» المستضيفة ويسمى بمشية السلطان العادل. ثم يقرأ الساحر العظيم الماضي والحاضر والمستقبل، يبارك الحضور، ثم يقدم سلطان قدايا ليروي عطش الآذان بحديثه الطيب ليجدد الأرواح التي تأخذ وقودها سنويا من خطابه. وعلا صوت النقارة، ارتعبت أطيار أبي مركوب ومالك الحزين والبجعات البيضاء التي مدت أعناقا طويلة أمامها قبل أن تطير بعيدا تاركة السمكات الصغيرات التي كادت أن تصبح ضحية لمناقيرها الشرسة، دخلت الفئران البيضاء الكبيرة جحارها.
صوته كنشيش قدر أسطورية ضخمة، قيل إنه إذا غضب يمكن سماع عزيفه في القرى المجاورة، حتى الثعابين الصماء تسمعه، عيناه الدقيقتان المحمرتان المكتحلتان بالفلفل، عيناه الدقيقتان كانتا تزيدان كلامه قوة وتأسطرة، وعندما تحدث عن «لالا» قال: إنكم قوم أذكياء.
نعم.
تسعون نحو المجد، هكذا دأب جدودنا.
Bilinmeyen sayfa