من على شجرة الحبحب العملاقة بدا ميدان المعركة مكشوفا على جانبي أرض حرام أوجدتها الصدفة، على الجانب الشرقي الدبابات العشر التي تمثل الدفعة الأولى، حضرت مبكرة لأغراض التدريب ومعها خبيران أجنبيان أسودان. - هل سيطلقون نار الدبابات على المحاربين؟ - إنهم لن يفعلوا، وإلا عادوا إلى مهاجرهم خائبين، فقط سيقومون باستعراض عسكري. - وإذا هاجمهم المحاربون؟ - لا أدري إذا كانوا سيهربون، أو يبقون داخل دباباتهم المصفحة؟
كانت فلوباندو واثقة مما تقول.
في الجانب الآخر، الشرقي، المحاربون في جلود النمر والرافيا يشكلون فرقا ميدانية يطلون أوجههم بالرماد والجير وينشدون أوزو لوما الحرب، يستعرضون أسلحتهم في الهواء، يقتلون أعداء وهميين، يعتقلون آخرين يربطونهم بحبال الرافيا والسعف، يقتلونهم يمثلون بجثثهم، هكذا يستدعون روح السلف لتنصرهم، هكذا يخيفون العدو.
جسداهما ملتصقان وهما على شجرة الحبحب العملاقة، كانت لدية رغبة واحدة: العودة، وبأي ثمن.
كانت لا تعرف ماذا تريد، وعندما سألها عن سنيلا كان لا يعني له السؤال شيئا ولم يعلق هو أملا ما على الإجابة؛ العودة، ولا شيء. - سنيلا هي الأخرى مندهشة لما يحدث، ويقال إن الفتية العائدين يرونها فتاة بالغة الجمال، تماما كما تراها أنت، هؤلاء الفتية - كما يقول الكواكيرو - مسختهم الغربة، إنهم لا ينتمون إلى هذا المكان أبدا. هل ما زلت ترغب في سنيلا؟ بالمناسبة، لقد وجدت صديقتي سوما بالأمس وهي عائدة من قرية مو مع عمتها العجوز على حمر الوحش، وجدتا والدي سنيلا وبانارودنا، كانا مشعرين وكأنهما قردان عجوزان، مسز جين أصبحت امرأة ضخمة الجثة لها أثداء كبيرة مكتنزة، أصبحت ذات بشرة سمراء كالتراب، هكذا وصفها كثير ممن رآها في السنين الأخيرة، بحث عنهما الكواكيرو بنفسه في الدغل المجاور، بل ذهب إلى ساحل بحيرة التماسيح وسفح جبل «الكا» ولم يعثر عليهما، كان يريد أن يتحقق من أحد قولين: هل صارا بأذيال وآذان كالقردة، أم أنهما لا يزالان بشرا ولكن يكسو جسديهما شعر كثيف؟ وجد أبي مرة، وكذلك وجد أبريا وكاب بوغو، وجدوه مع امرأته الشيطان، وقالوا إنه سعيد ومرح ...
فجأة دوى صوت انفجار مقذوف الدبابة وهو يخترق الهواء، ثم تبعه آخر.
دن، دن.
دن، دن.
دن، دن.
دن.
Bilinmeyen sayfa