وقالت المجبرة على طباقاتها: إن العباد غير محدثين لأفعالهم، فجهم بن صفوان ذهب إلى أن أفعال العباد خلق الله تعالى، وإنما إضافتها إلى العباد كما تضاف حركة الشجرة إليها.
وقال ضرار بن عمرو: أن الفعل لله تعالى وللعبد كسب، وبهذا قالت الأشاعرة مع خلاف بينهم في الفعل المتولد والمبتدأ.
أما الغزالي والجويني والرازي فقالوا: قدرة العبد مؤثرة على سبيل الإيجاب.
ونشير إلى الدليل العقلي لأهل مذهبنا فنقول: الذي يدل على قولنا أن أفعالنا توجد بحسب قصودنا ودواعينا، وتنتفي بحسب كراهتنا وصوارفنا مع سلامة الأحوال: فلولا أنها من فعلنا لما وجبت فيها هذه القضية، والتفرقة بين حركة الساقط والصاعد والمرتعش والباطش معلومة، وتعلق المدح والذم بالفاعل والثواب والعقاب، فلولا أنها من فعلنا لما تعلق بالفاعل، إذ لا يتعلق المدح والذم بما كان من خلق الله فيه كاللون والشكل ونحو ذلك، ولما حسن الأمر والنهي وهذا واضح لولا مكابرة الخصوم وإنكارهم للمعلوم ضرورة، وأما كسب ضرار والأشاعرة فهو غير معقول ولا دلالة على إثباته.
Sayfa 29