واستبد الغضب بالملك، وأخرجه عن طوره وكان يعد خنوم حتب مسئولا عن جميع متاعبه، فاستدعى سوفخاتب وأمره دون أن يمهله بأن يبلغ رئيس الوزراء بأنه ينتظره. وخرج الحاجب الأكبر ينفذ أمر مولاه حائرا. وجاء الوزير الأكبر موزع النفس بين اليأس والأمل . وأدخل على الملك الغاضب الحانق، ونطق الرجل بالتحية التقليدية، ولكن فرعون لم يكن يصغي إليه، وقد قاطعه بصوت خشن شديد قائلا: ألم آمرك أيها الوزير بألا تعود إلى مناقشة مسألة أراضي المعابد؟
وأخذ الرجل باللهجة الشديدة التي يسمعها لأول مرة، وأحس بآماله تنهار دفعة واحدة، فقال يائسا: مولاي .. رأيت من واجبي أن أرفع إلى مسامعكم العالية شكاوي طائفة من شعبكم الأمين.
فقال الملك بلهجة قاسية: بل أحببت أن تثير غبارا بيني وبين الملكة، لتصيب تحت ستاره غرضك.
فرفع الرجل يديه بتوسل، وأراد أن يتكلم فأرتج عليه القول سوى هاتين الكلمتين: مولاي .. مولاي.
فقال الملك الغاضب المهتاج: يا خنوم حتب .. أنت تأبى الانصياع لأمري، فلن أمنحك ثقتي بعد اليوم.
ووجم الكاهن، واستولى عليه الجمود، ثم مال رأسه على صدره في حزن، وقال باستسلام: مولاي، يحزنني وحق الأرباب جميعا أن أنسحب من ميدان خدمتكم المجيد، وسأعود كما كنت من قبل عبدا صغيرا من عبيدكم المخلصين. •••
وأحس الملك بارتياح بعد أن أرضى غضبه الكاسر، وأرسل في طلب سوفخاتب وطاهو، وجاء الرجلان على عجل يتساءلان، فقال لهما الملك في هدوء: انتهيت من خنوم حتب.
وساد السكون العميق، وبدت الدهشة على وجه سوفخاتب، أما طاهو فبقي جامدا .. وكان الملك يقلب ناظريه في وجهيهما فسألهما: ما لكما لا تتكلمان؟
فقال سوفخاتب: إنه لأمر خطير يا مولاي. - أتراه خطيرا يا سوفخاتب؟! .. وأنت يا طاهو؟
وكان طاهو جامدا ميت الإحساس، لا رجع للحوادث في قلبه، ولكنه قال: إنه عمل يا مولاي من وحي القوة المعبودة.
Bilinmeyen sayfa