فرفع الرجل حاجبيه الكثيفين، وقال: أراك تسألين عما يتحدث عنه الناس في الطرقات .. فكثير من العامة يعلم الآن أن فرعون يرغب في أن يضم كثيرا من أملاك المعابد إلى أملاك التاج، وأن يسترد المنح الواسعة التي أسبغها آباؤه وأجداده على رجال الكهنوت.
وقال الشاعر رامون حتب بلهجة لم تخل من عنف: كان الكهنة دائما موضع عطف الفراعنة، يقطعونهم الأراضي، ويهبونهم الأموال، حتى صاروا يملكون ثلث الأراضي المنزرعة، وتغلغل نفوذهم في الأقاليم، وبسط على الرقاب، ولا شك أن هناك وجوها من المنافع أحق بالمال من المعابد.
فقال هوف: يزعم الكهنة أنهم يصرفون ريع الأراضي على أعمال الإحسان والبر، ويصرحون دائما بأنهم يتنازلون عن أملاكهم عن طيب خاطر إذا دعت الضرورة إلى ذلك. - وما هذه الضرورة؟ - أن تشتبك المملكة في حرب مثلا تحتاج للإنفاق الكثير.
ففكرت الغانية قليلا، ثم قالت: لا يجوز على أي حال أن يناهضوا رغبة الملك.
فقال الحاكم آني: لقد تورطوا في خطأ بالغ، وفوق ذلك فهم يبثون دعاتهم في الأقاليم، ويدخلون في روع الفلاحين أنهم يدافعون عن أملاك الأرباب المعبودة.
فتساءلت رادوبيس بدهشة: كيف تؤاتيهم شجاعتهم؟!
فقال آني: البلاد في سلام، والحرس الفرعوني هو القوة المسلحة الوحيدة التي يعتد بها، والكهنة تؤاتيهم شجاعتهم إذا أيقنوا أن قوة فرعون غير كافية!
فتضايقت رادوبيس وقالت بحنق: يا لهم من أوغاد!
فابتسم الفيلسوف هوف، ولم يكن يرضى أن يحبس رأيا فقال: إذا أردت الحق فالكهنة طائفة مطهرة، تسهر على دين هذه الأمة وآدابها وتقاليدها الخالدة، أما الطمع في السلطان فداء قديم.
فحدجه الشاعر رامون حتب بنظرة تحد، وكان مغرما بإثارة الزوابع، وسأله في اقتضاب: وخنوم حتب؟!
Bilinmeyen sayfa