فأين - ويله - كان من إحضار هذا وهمه، أولا - ويله - حكم بما رأى من هذا وأشباهه حكمه، ولكنه يأبى إلا تحكيم العمى، والاعتداء والمكابرة في العلم للعلماء، وإلا فلم لم يفكر، إن كان ذا فطنة وينظر، إن كان من أهل النظر فيما يستدل به أهل الكتاب والعرب، من هذه الأحرف على ضمائر كل مغيب، فكانت هي الدليل لهم على الكتاب، والسبب لعلمه دون جميع الأسباب. أفما رأى - ويله - سر عجائبها، فيما تنبئ عن محجوب غيبها، من سرائر قلوب المتكاتبين بها، ويدور من الأنباء في التعبد بسببها، اكتفاء منهم في أنباء الأمور، من كل مشاهدة بين المخبرين أو حضور، فهذا وأشباهه فليس لمثله فيه مدخل تعنيف، ولا يشتغل منه ولا من مثله فيه بمنازعة في تحريف، مع أن لهذه الوجوه في التأويل، ما لو سقط عنا علمها في التنزيل، لكان علينا أن نعلم أن لها مخارج عند الحكيم، ووجوها صحاحا في علم التعليم.
ولو كان جهلنا بها يزيل صحتها، أو يبطل عن الحكيم حكمتها، لما ثبتت للحكماء حكمة، ولا في علم العلماء معلمة، إذ توجد العآمة لا تعلم علمها، ولا تعرف للحكماء حكمها، ولو لم يثبت العلم لعالمه، ولا حكم الحكمة لحاكمه، إلا بأن يعلم غيره منه ما علم، أو يحكم في الأمور كما حكم، لما كان في الأرض من أهلها جاهل، ولما وجدت بين الناس في العلم فضائل! وما -ويله- في جهله لحكمة الكتاب، وما جعل الله فيه من عجائب الأسباب، مما يلحق بالله جهلا، أو يزيل عن كتابه فضلا ، ماله لعنه الله تأبى ؟! به عماياته إلا تبابا ؟!، لقد كابر من فرق ما بين الجهلاء والعلماء، ما لا يكابره ذو العمى، يقينا منها به وعلما، ومرمى منها إلى غير ما رمى.
Sayfa 174