فلما سمعت قول الله تعالى لعباده الذين أعطاهم، قرضا، وسألهم قرضا على التضعيف، فقال عز من قائل: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له ". قالت اليهود على وجه الطعن والعيب والتخطئة والتعنت: تزعم أن الله يستقرض منا، وما استقرض منا إلا لفقره وغنانا! فكفرت بذلك القول إذ كان على وجه التكذيب والتخطئة، لا على وجه أن دينها كان في الأصل أن الله فقير، وأن عباده أغنياء. وكيف يعتقد إنسان أن الله عاجز عما يقدر عليه، مع إقراره بأنه الذي خلقه ورزقه، وإن شاء حرمه، وإن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه. وقدرته على جميع ذلك كقدرته على واحد.
ومجاز الآية في اللغة واضح، وتأويلها بين؟ وذلك أن الرجل منهم كان يقرض صاحبه لإرفاقه، ليعود إليه مع أصل ماله اليسير من ربحه، ثم هو مخاطر به إلى أن يعود في ملكه. فقال لهم بحسن عادته ومنته: آسوا فقراءكم، وأعطوا في الحق أقرباءكم، من المال الذي أعطيتكم، والنعمة التي خولتكم، بأمري إياكم وضماني لكم، فأعتده منكم قرضا وإن كنت أولى به منكم، فأنا موفيكم حقوقكم إلى ما لا ترتقي إليه همة ولا تبلغه أمنية. على أنكم قد أمنتم من الخطار، وسلمتم من التغرير.
والرجل يقول لعبده: أسلفني درهما، عند الحاجة تعرض له، وهو يعلم أن عبده وماله له. وإنما هذا كلام وفعال يدل على حسن الملكة، والتفضل على العبد والأمة، وإخبار منه لعبده أنه سيعيد عليه ما كانت سخت به نفسه.
Sayfa 344