والمعتزلي إنما اعتزل حلقة الحسن البصري فكيف لقائل أن يقول إن أبا حنيفة أول من تكلم بهذا؟ وهذه الروايات التي تخالف أصحاب أبى حنيفة ومن قد روى عنه لا تصح لان أصحاب أبى حنيفة مجمعون على خلاف ما نقله عنه الخطيب. وهما كتب أصحاب أبى حنيفة بخلاف ما ذكر فكيف له أن يقول والمشهور خلاف ذلك، إنما المشهور مأخوذ من الشهرة وهي ما يلبسه الرجل عند القتال، والشهرة مشتقة من الشهر وهو الهلال سمى بذلك لشهرة الناس له، ومنه سمى الشهر للأيام.
وقال الخطيب:
بإسناده إلى أبى بكر بن أبى داود السجستاني يقول لأصحابه ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه، والشافعي وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والحسن بن صالح وأصحابه، وسفيان الثوري وأصحابه، وأحمد بن حنبل وأصحابه؟ فقال أصحابه: يا أبا بكر لا تكون مسألة أصح من هذه. فقال: هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبى حنيفة.
الجواب: اعلم وفقك الله أن الصحابة جميعهم اختلفوا في عدة مسائل ولكن ليس كل من خولف فقد ضل، فإن هؤلاء المسلمين جميعهم خالف بعضهم بعضا كما خالفوا أبا حنيفة فهذا لا يعد من التضليل أما المنقول عن الشافعي في كتاب الأم أنه قال من أراد خمسا فعليه بخمس، من أراد الفقه فعليه بأبى حنيفة، ومن أراد النحو فعليه بالكسائى. وما ذكرت مسطور عن الشافعي. ومن يقول عنه هذا مثل الشافعي كيف يقول مثل ذلك وانظر بين الروايتين ما قلت في كتاب الأم لأصحاب الشافعي ينقله فقهاء أهل عصر إلى فقهاء أهل عصر إلى ما روى الخطيب عن آحاد الناس.
وأما غير الشافعي فسيأتى الجواب عنه إن شاء الله.
وقال الخطيب:
ذكر ما حكى عن أبى حنيفة في الخروج على السلطان بأسانيده إلى جماعة ينقلون عن أبى جماعة ينقلون عن أبى حنيفة منه ما أسنده إلى الأوزاعى أنه قال جاءوني فقالوا قد أخذنا عن أبي حنيفة شيئا فانظر فيه فلم يبرح بي وبهم حتى أريتهم. فما جاءوني به عنه أنه قد أحل لهم الخروج على الأئمة. وهذه الرواية لا تصح عن أبى حنيفة لأنه يقول: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا علينا وندعوا لهم. ثم إجماع أصحاب أبى حنيفة على ما قلت، ثم أبو حنيفة جعل قتال على رضى الله عنه مع البغاة والخوارج حجة، كما جعل قتال النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار. قال وإذا سمع الإمام أن قوما يدعون إلى الخروج فعليه أن ينبذ إليهم ويمسكهم حتى يظهروا توبة، فإذا صار فئة يرجعون إليها يقتل مقاتلهم ويجهز على جريحهم، ويقتل أسراهم كما يقتل الكفار. فمن يكون هذا رأيه كيف يرى الخروج على الأئمة؟ قال الله تعالى: وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين
وقال: لا يمض قضاء قاضى أهل البغي ولا تقبل شهادتهم.
Sayfa 51