وظن قوم منهم: أن تلك الجراثيم كانت مع الأرض عند انفصالها عن كرة الشمس، وهو ظن عجيب، لا ينطبق على جهلهم من أن الأرض عند الانفصال، كانت جذوة نار ملتهبة، وكيف لم تحترق تلك الجراثيم، ولم تمح صورها في تلك النيران المستعرة؟!
والبحث الثاني من موضع اختلافهم: صعود تلك الجراثيم من حضيض نقصها إلى ذروة كمالها، وتحولها من حالة الخداج «النقص» إلى ما نراه من الصور المتقنة، والهيئات المحكمة، والبنى الكاملة.
فمنهم: قائل بأن لكل نوع جرثومة خاصة به، ولكل جرثومة طبيعية تميل بها إلى حركة تناسبها في الأطوار الحيوية، وتجتذب إليها ما يلائمها من الأجزاء الغير الحية ليصير جزءا لها بالتغذية، ثم تجلوه بلباس نوعه.
وقد غفلوا عما أثبته التحليل الكيماوي، من عدم التفاوت بين نطفة الإنسان، ونطفة الثور والحمار مثلا، وظهور تماثل النطف في العناصر البسيطة، فما منشأ التخالف في طبائع الجراثيم مع تماثل عناصرها؟
ومنهم: ذاهب إلى أن جراثيم الأنواع كافة - خصوصا الحيوانية - متماثلة في الجوهر، متساوية في الحقيقة، وليس بين الأنواع تخالف جوهري، ولا انفصال ذاتي، ومن هذا ذهب صاحب هذا القول: إلى جواز انتقال الجرثومة الواحدة من صورة نوعية إلى صورة نوعية أخرى بمقتضى الزمان والمكان، وحكم الحاجات والضرورات، وقضاء سلطان القواسر الخارجية.
Sayfa 8