فكذلك حجة الله من العقول في الإنسان تنفي ما نفاه عن الله [المحكم من] (1) القرآن، ولو ثبت لك عقلك، أو صحح لك لبك (أن ربك محدود، أو أنه جسم كسائر الأجسام موجود؛ لكان عقلك قد ثبت لك)(2) أن ربك كغيره من الأشياء، فتعالى عن ذلك العلي الأعلى.
ولو كان ذلك كذلك لتناقضت حجج الرحمن، في كل قول وبيان، ولو تناقضت حججه؛ لبطلت فرائضه، ولو بطلت فرائضه لبطل معنى إرساله للرسل(3)، ولو بطل معنى إرساله لرسله؛ لبطل معنى أمره ونهيه، ولو بطل معنى أمره ونهيه لبطل معنى ثوابه وعقابه، ولو بطل معنى ثوابه وعقابه لبطل معنى خلقه لدنياه وآخرته، ولو بطل معنى خلقه لدنياه وآخرته لبطل معنى خلقه لسمواته وأرضه، ولو بطل معنى خلقه لسمواته وأرضه لبطل معنى خلقه لما فيهما وبينهما من خلقه، ولو بطل معنى خلقه لما فيهما وما بينهما من خلقه لما كان لما أوجد من ذلك معنى، ولو لم يكن لجميع ما أوجد من الأشياء أو بعضها معنى ثابت مفهوم، صحيح بين معلوم؛ لدخل بذلك على الحكمة الفساد، لأن الحكيم لا يفعل فعلا إلا لسبب وأمر ومعنى. ومن فعل فعلا لغير معنى فإنما ذلك منه عبث أو جهل، ولو دخل على الحكيم ضد الحكمة لكان اسم الجهل له لازما، ومن لزمه اسم الجهل فليس بخالق، والخالق فهو الحكيم غير الجاهل. فتعالى الله الرحمن الرحيم، الخلاق الحكيم، [لا إله إلا هو] (4) الواحد الكريم، عما يقول فيه المبطلون، ويضيف إليه الفاسقون، ويصفه به الجاهلون.
Sayfa 253