Zamanın Efendisi: Kitap ve Dosya Davası

Seyyid el-Kimni d. 1443 AH
120

Zamanın Efendisi: Kitap ve Dosya Davası

رب الزمان: الكتاب وملف القضية

Türler

MEAD

مقولة اعتيادية تماما هي: إن النساء بفضل قدرتهن على الإنجاب، ولأن مسألة الولادة كانت في عيني الإنسان البدائي مثيرة للدهشة والعجب - وربما الانبهار المؤدي للتقديس - فقد أدى ذلك إلى الاعتقاد أن النساء قابضات على أسرار الحياة (انظر:

Male and Famale, New York, Morrow, 1949, pp. 102-103 ).

ونضيف إلى ميد: أن الولادة في مجتمع أمومي، يأتي فيه أي ذكر أي أنثى، كانت لا تعطي للذكر فرصة لملاحظة أثره ودوره في عملية الإنجاب، إضافة إلى الفترة الطويلة الفاصلة بين الحمل والولادة، والتي كان يمكن أن تخفى عن عين البدائي غير المدققة، للعلاقة بين الأمرين، كما أن معيشة الأولاد والبنات سويا حينذاك دون عائق قبل المراهقة، ومعرفتهم الجماع الذي لا تنتج عنه ولادة، أدى بدوره لعدم الربط بين الجماع والولادة، وعدم إعطاء الذكر دورا في عملية الميلاد. بل إن هناك من يعتقدون اليوم - في بعض المجتمعات المتخلفة - أنه يمكن للمرأة أن تحمل دون رجل يأتيها، بل وتدخل تلك الفكرة ضمن معتقدات كبرى؛ لذلك كان طبيعيا أن يتصور الإنسان في المبتدأ أن الأنثى وحدها هي الكائن المسئول عن منح الحياة، والقادر الوحيد على ذلك، بحيث أصبح إعطاء الوجود حياة جديدة اختصاصا أنثويا بحتا، وقد دعم تلك الرؤية اكتشاف الأنثى للزراعة، حيث كانت الزراعة إنجابا للحياة وامتلاكا لأسرارها؛ لذلك لم يكن غريبا أن تكون أول التماثيل المعبودة لإلهات إناث ولادات.

وإعمالا لذلك نرى أنه قد تبع اكتشاف الزراعة استقرار دائم انتظارا لنضج المحصول «وهو يشابه انتظار نضج الجنين»، وتبعه بالضرورة دعم لوضع المرأة السيادي، لكن ذلك الأساس الإنتاجي ذاته استبطن في داخله الانهيار المقبل لوضع المرأة، والمتغير الآتي الذي فرضه التوسع في قطع الغابات مع التحقيل وإحلال الزرع محلها، وما يحتاجه مثل ذلك العمل الجبار من قوى عضلية، وما يحتاجه من حيوانات قوية مدجنة لجر الأشجار المقطوعة، وللعمل في حراثة الحقل وحمل المحصول، وهو ما اقترن بالضرورة، بسيادة تدريجية للذكور أدت إلى تبادل المواقع السيادية، وقد حدث ذلك في الوقت الذي سجل لنا فيه التاريخ أن الجموع المتبدية ذات النظام الذكري، قد هبطت بقطعان مواشيها القوية إلى أراضي الخصب، فيما يعرف بالهجرات السامية.

والملحوظة الجديرة بالاهتمام هنا، هي أنه بعد هبوط الهجرات السامية على الهلال الخصيب «وهو نموذجنا هنا»، وما تلا ذلك من قيام الدول المركزية (وهو ما سنأتي على شرحه)، نجد استمرار تواجد الإلهات الإناث في حضارات الشرق الأدنى القديم، إلى جوار آلهة الدولة الحاكمة الذكور، ثم إن التماثيل التي تركتها لنا فنون تلك الحضارات تصور لنا الإلهة الأنثى تحمل بيدها حزمة من الحنطة، أو تقف في حقل حنطة، أو تصور على ثوبها سنابل الحنطة، هذا بالتبادل مع النخلة في رسوم أخرى، وإن كانت أقل انتشارا، وهو ما يشير بوضوح إلى ارتباط الأنثى بالزرع، وبالحنطة تحديدا (أول الزراعات المدجنة)، ولو أخذنا بالحسبان أنه بمرور الوقت، ومع النظام الاجتماعي الذكري، ومع الاستقرار، بدأ الذكر يلاحظ دوره في علمية الإنجاب، كما لاحظ التشابه الواضح بين حبة الحنطة المفلوقة وبين فرج الأنثى المفلوق، وأن كلا الفرجين ينفلق عن ميلاد وحياة جديدة بعد ري الحبة بالماء وري الفرج بمني الذكر، فربط بين المني والماء واعتبر المني ماء الحياة المذكر «أوزيريس النيل في مصر، بعل المطر في الشام، أبسو وإنكي إلهي الماء في الرافدين ... إلخ»، كما ربط بين الحنطة والمرأة، ناهيك عن رصيدها في اكتشاف تدجين الحنطة تحديدا، والتي تحمل التشابه مع الفرج الأنثوي، هذا مع ما حمله التشابه مع نواة التمر الذي انتهى بتقديس التمر بدوره، وبحيث حملت النخلة قدسية المرأة وأصبحت رمزا دالا عليها في العبادات وفي الحوارات الجنسية، واحتسب التمر دواء شافيا يحمل كثيرا من البركات حتى اليوم، خصوصا إذا خلط باللبن، «وهو رمز المني الذكري!» ولا ننسى أن مريم أتاها المخاض عند جذع النخلة والتفاعل معها بهزها.

أما الكلمة «تمر» فالواضح لدينا أنها الأصل والجذر في الكلمة الدالة على الزرع على وجه التعميم، أقصد كلمة «ثمر». وتأسيسا على تلك التجربة والملاحظات، بنى الإنسان تصوراته عن التكوين والوجود، فربط التكوين بدم الحيض الشهري، بعد أن لاحظ غياب الدم مع بدء الحمل المؤدي في النهاية إلى ظهور الحياة في المولود، فربط الدم بالحياة، وتصور أن ذلك الدم المنجس داخل الرحم هو الذي يكون الوليد المقبل، وقد ربط ذلك بملاحظة أخرى هي الموت المحتوم الذي يصيب الإنسان المجروح عندما ينزف دمه، ذلك الدم الذي أصبح على وجه العموم سر التكوين وسر الحياة، وبقي في الذكري، حتى في مجتمع السادة الذكور، بحسبانه منحة الأنثى الإلهة الأولى.

هذا وقد لاحظ بعض الباحثين (مثل فرويد) ارتباط الأنثى بالقمر، والذي كان عادة ينقش إلى جوارها في حالة الهلال، فاحتسبوا أن الإنسان القديم رمز للأنثى بالقمر، وأن القمر هو الإله المؤنث، لكنا ذهبنا إلى اتجاه معاكس تماما، فقد افترضنا أن هذا الاقتران بين الأنثى والقمر إنما نتج عن تناغم إيقاعات الدورة الشهرية للمرأة مع التبدلات التي تطرأ على وجه القمر خلال الشهر القمري، الذي ينضبط إلى حد مدهش مع الإحدى وعشرين يوما للدورة الحيضية، وأن غيابه يترافق مع نزول دم الحيض، ويربط تلك الظاهرة بظاهرة نزول دم البكارة عند أول جماع للفتاة البكر، انتهى بتصور أن القمر هو الزوج الحقيقي أو الغائب للمرأة، بخاصة مع حدوث حالات حمل مع غياب الذكر فترة طويلة للصيد أو في ظروف طارئة، والقمر قد اقترن من جانب آخر بحيوانات الرعي عموما (الشياه)، لشبه الهلال بقرني الخروف أو الثور، وهي الحيوانات التي شكلت الأساس الاقتصادي الذي أدى إلى امتلاك الذكور قاعدة إنتاجية دعمت وضعهم السيادي، والذين مالوا عموما منذ البداوة إلى الترميز للهلال بالخروف، والذي عادة ما رمز بدوره للسلف الأب الذي في السماء.

وتأسيسا على ذلك احتسبت أولى نظريات التكوين أن بداية الخلق جميعا من الأنثى الولادة، التي تمثلت في قوة أنثوية تلد كل شيء من الزرع إلى البشر، وأدمجت كقوة خلق كبرى في جميع الإناث بشرا وحيوانات وأرضا ولودا، وتمثلت المادة الأولى للتكوين في دم الأنثى تحديدا.

ومن الطريف أنه بالقرب من موطني (مدينة الواسطى) وعلى الطريق إلى «الفيوم»، ظهرت كرامة زراعية رائعة الدلالة، تشير إلى بقاء المأثور القديم في الوجدان الشعبي بقوة. فمنذ زمن غير بعيد (حوالي 7 سنوات) انتشرت أسطورة تقول إن رجلا أراد قطع شجرة الجميز القابعة على الطريق الرئيسي، ومع أول ضربة بالفأس (وهو رمز ذكري دائم لأنه يشق رحم الأرض) صرخت الشجرة ونزفت مكان الضربة دما غزيرا، وفي تلك اللحظة تحديدا، وكانت في الثلث الأول من الليل، وعندما سمع أهل القرية جميعا دوي الصرخة الملتاعة، نزفت كل امرأة كانت في حالة جماع مع زوجها، ومن ثم اختار الأهلون للشجرة اسما لا جدال في دلالته، وهو «الشيخة خضرة!» ووضعوا بجوارها صندوقا كتب عليه : تبرعوا لبناء مسجد الشيخة خضرة! والغريب أنك عندما تقترب من الشجرة - التي أخذت المئذنة تتعالى من خلفها - لتطالع المادة الصمغية التي جفت قطراتها على الساق المقطوع، ستجد أهل القرية قد علقوا على الفروع أشرطة من نسيج أخضر، وعلقوا على الجذع قرني خروف! أما الهلال السيادي فقد تم الاهتمام بوضعه فوق المئذنة، حتى قبل إتمام بقية المسجد.

Bilinmeyen sayfa