قواعد العلل وقرائن الترجيح
قواعد العلل وقرائن الترجيح
Yayıncı
دار المحدث للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٥ هـ
Türler
عجبٌ! فأخذ فكتب في كاغدٍ (١) ألفاظي في تلك الأحاديث ثم رجع إليَّ وقد كتب ألفاظ ما تكلَّم به أبا زرعة في تلك الأحاديث. فما قلت: إنه باطل، قال أبو زرعة: هو كذب. قلت: الكذب والباطل واحد، وما قلت: إنه كذب قال أبو زرعة: هو باطل، وما قلت: إنه منكر قال: هو منكر، كما قلت، وما قلت: إنه صحاح قال أبو زرعة: هو صحاح فقال: ما أعجب هذا! تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما. فقلت: فقد دلَّك، أنَّا لم نجازف، وإنَّما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا، والدَّليل على صحة ما نقوله، بأنَّ دينارًا نَبَهْرَجًا (٢)
يحمل إلى النَّاقد فيقول: هذا دينار نَبَهْرَج، ويقول لدينار: هو جيد فان قيل له: من أين قلت أَنَّ هذا نبهرج! هل كنت حاضرًا حين بهرج هذا الدينار؟ قال: لا فان قيل له: فأخبرك الرجل الذي بهرجه أني بهرجت هذا الدينار قال: لا، قيل: فمن أين قلت: أَنَّ هذا نَبَهْرَج؟ قال: علمًا رزقت. وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك. قلت له: فتحمل فصَّ ياقوت إلى واحد من البصراء من الجوهريين فيقول: هذا زجاج ويقول لمثله: هذا ياقوت، فان قيل له: من أين علمت أَنَّ هذا زجاج وأَنَّ هذا ياقوت هل حضرت الموضع الذي صنع فيه هذا الزجاج؟ قال: لا قيل له: فهل أعلمك الذي صاغه بأنه صاغ هذا زجاجًا؟ قال: لا، قال: فمن أين علمت؟ قال: هذا علم رُزقت. وكذلك نحن رُزقنا علمًا لا يتهيَّأ لنا أن نخبرك كيف علمنا بأَنَّ هذا الحديث كذب وهذا حديث منكر إلا بما نعرفه» اهـ.
قال ابن أبي حاتم عَقِبَ ذلك: «تعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره فإن تخلف عنه في الحمرة والصَّفاء علم أنه مغشوش ويعلم جنس الجوهر بالقياس
_________
(١) الكاغد القرطاس، كذا في القاموس (ص٤٠٢) .
(٢) قال ابن الأعرابي: «البَهْرَجُ الدرهم المُبْطَلُ السِّكَّةِ، وكلُّ مردود عند العرب بَهْرَجٌ ونَبَهْرَجٌ. والبَهْرَجُ: الباطلُ والرَّدِيءُ من الشيء» - اللسان (٢/٢١٧) ..
1 / 19