الفصل الثالث
في ذكر عمل المريد في اليوم والليلة
من فرائض الأوامر وفضائل النوادب
فمن ذلك يستحب عند طلوع الفجر، وهو البياض المشتق من سواد الليل المعترض في قطر السماء الشرقي عند إدبار النجوم وإدبارها افتراقها وذهاب ضوئها لغلبة ضوء الفجر عليها، وهو الوقت الذي أمر الله تعالى فيه بذكره إذ يقول تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإدْبَارَ النُّجُومِ) الطور: ٤٩، فليصلِّ العبد ركعتَي الفجر، يقرأ فيهما: (قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ) الكافرون: ١ و(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) الإخلاص: ١، فهو أكثر ما روي أنّ النبي ﷺ قرأ فيهما، فإن شاء خافت وإن شاء جهر.
فقد روي حديثان أحدهما يدل على المخافتة؛ وهو حديث عائشة ﵂ قالت: كان رسول الله ﷺ يخفف ركعتي الفجر حتى أقول قرأ فيهما بفاتحة الكتاب أم لا، والآخر يدل على الجهر، وهو حديث ابن عمر: رمقت النبي ﷺ عشرين يومًا فسمعته يقرأ في ركعتي الفجر (قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ) الكافرون: ١ و(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) الإخلاص: ١، وفي حديث أبي هريرة وابن عباس أنه قرأ في الركعة الأولى الآية التي في سورة البقرة (قُوْلُوا آمَنّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلى إبْرَاهيمَ وَإسْمَاعيلَ) البقرة: ٦٣١، إلى آخرها، وفي الركعة الثانية (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) آل عمران: ٥٣، فليقرأ بذلك أحيانًا، ثم يستغفر الله تعالى سبعين مرة يقول في كلّ مرة: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأسأله التوبة ثم يسبح الله ويهلّله مائة مرة بالكلمات الأربع الجامعات المختصرات التي في القرآن وليست
1 / 13