Kıssas ve Hatırlayanlar
القصاص والمذكرين
Araştırmacı
محمد لطفي الصباغ
Yayıncı
المكتب الإسلامي
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
1409 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
قَالَ أَبُو عَامِرٍ: فَقُمْتُ مَعَ الرَّسُولِ حَتَّى أَتَى بِي إِلَى قُبَاءَ، فَأَدْخَلَنِي مَنْزِلًا رَحْبًا خربا. فَقَالَ لي: قف هَاهُنَا حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ. فَوَقَفْتُ، فَخَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ لِي: لِجْ. فَدَخَلْتُ، فَإِذَا بَيْتٌ مُفْرَدٌ فِي الْخَرِبَةِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ. وَإِذَا بِكَهْلٍ قَاعِدٍ مُسْتَقْبِلٍ الْقِبْلَةَ، تَخَالُهُ مِنَ الْوَلَهِ مَكْرُوبًا، وَمِنَ الْخَشْيَةِ مَحْزُونًا، قَدْ ظَهَرَتْ فِي وَجْهِهِ أَحْزَانُهُ، وَذَهَبَتْ مِنَ الْبُكَاءِ عَيْنَاهُ، وَمَرِضَتْ أَجْفَانُهُ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ. ثُمَّ تَخَلَّلَ فَإِذَا هُوَ أَعْمَى أَعْرَجُ مِسْقَامٌ. فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَامِرٍ ﴿غَسَلَ اللَّهُ مِنْ رَانِ الذُّنُوبِ قَلْبَكَ. لَمْ يَزَلْ قَلْبِي إِلَيْكَ تَوَّاقًا، وَإِلَى اسْتِمَاعِ الْمَوْعِظَةِ مِنْكَ مُشْتَاقًا، وَبِي جُرْحٌ نَغِلَ قَدْ أَعْيَا الْوَاعِظِينَ دَوَاؤُهُ، وَأَعْجَزَ الْمُتَطَبِّبِينَ شِفَاؤُهُ. وَقَدْ بَلَغَنِي نَفْعُ مَرَاهِمِكَ لِلْجِرَاحِ وَالْأَلَمِ. فَلَا تَأْلُ رَحِمَكَ اللَّهُ فِي إِيقَاعِ التِّرْيَاقِ وَإِنْ كَانَ مُرَّ الْمَذَاقِ، فَإِنِّي مِمَّنْ يَصْبِرُ / عَلَى أَلَمِ الدُّوَاءِ رَجَاءً لِلشِّفَاءِ.
قَالَ أَبُو عَامِرٍ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ بَهَرَنِي، وَسَمِعْتُ كَلَامًا قَطَعَنِي. فَأَفْكَرْتُ طَوِيلًا، ثُمَّ تَأَتَّى مِنْ كَلَامِي مَا تَأَتَّى، وَسَهَّلَ مِنْ صُعُوبَتِهِ مَا مِنْهُ رَقَّ لِي. فَقُلْتُ: يَا شَيْخُ ارْمِ بِبَصَرِ قَلْبِكَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ، وَأَجِلْ سَمْعَ مَعْرِفَتِكَ فِي سُكَّانِ الْأَرْجَاءِ، وَتَنَقَّلْ بِحَقِيقَةِ إِيمَانِكَ إِلَى جَنَّةِ الْمَأْوَى، فَتَرَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهَا لِلْأَوْلِيَاءِ. ثُمَّ تَشَرَّفْ عَلَى نَارِ لَظَى، فَتَرَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهَا لِلْأَشْقِيَاءِ. فَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الدَّارَيْنِ﴾ أَلَيْسَ الْفَرِيقَانِ فِي الْمَوْتِ سَوَاءً؟
قَالَ أَبُو عَامر: فَأن أنة، وَصَاحَ صَيْحَةً، وَزَفَرَ زَفْرَةً، وَالْتَوَى وَقَالَ: يَا أَبَا عَامِرٍ! وَقَعَ - وَاللَّهِ - دَوَاؤُكَ عَلَى دَائِي. وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ شِفَائِي
1 / 241