ويقول باسما: أسأل نفسي كثيرا: ألم تحب؟! من يا ترى فتى أحلامها؟!
ويسأل حمادة: ماذا تفعل لو صادفتها بصحبة شاب في شارع بين السرايات؟!
فيقهقه ويقول: أعمل مغفلا وكأنني لا أدري.
ويتساءل صادق صفوان: أليس علينا نحو أولادنا واجب التحذير والإرشاد؟ - أمها تعرف واجبها تماما.
وفي ذلك الوقت جمع طاهر قصائده وأصدرها في ديوان عنونه «زائرات الحديقة»، ونال كل منا هديته وهنأناه من صميم قلوبنا، وقرر حمادة أن نحتفل بالمناسبة في العوامة في ليلة من ليالي العمر، ورحب زملاؤه - وفي مقدمتهم اليساريون - بالديوان، فنشرت عنه المقالات، وظهرت صورته في المجلات، وكثيرا ما يثني على رئيفة كست بيت ماهرة، وأم يقظة، زوجة محبة مخلصة ذكية ، تعرف كيف تهيئ لزوجها أسباب الراحة والسعادة، ولا شك أنها تغيرت أكثر من المتوقع، فخف وزنها أكثر مما يجب، وظهرت في وجهها أمارات السن، ولكنها ما تزال تعد جميلة ورشيقة وفائقة النشاط.
ولكن هموم البلد غطت على همومنا الشخصية، فانفجرت الخصومات الحزبية، وامتلأت الساحة بالخصام، حتى قال طاهر لصادق: اعتبرني مثل ابنك إبراهيم رافضا لكل هذا العك!
على أي حال أصبح فينا - بفضل طاهر - شخصية عامة، تصعد بخطى وئيدة إلى النجومية الأدبية. أجل إن صادق صفوان يود أن يعتبر نفسه شخصية عامة بما هو تاجر معروف ومن ذوي الأملاك، ولكن الفن يضفي على أهله هالة متفردة. ترى ألم يؤثر ذلك في الأرملاوي باشا وحرمه؟! لم يبدر منهما ما يبشر بذلك. وقد أحيل الباشا إلى المعاش وفتح عيادة للتحاليل الطبية في وسط المدينة، وكل الظواهر تقطع بأنه نسي ابنه تماما. أما طاهر فبالإضافة إلى الشعر والترجمة راح يكتب مقالة ساخرة أسبوعية كسبت له المزيد من القراء.
وصار إسماعيل قدري أبا؛ إذ أنجبت له تفيدة «هبة الله»، وكانت ولادة عسيرة، وتمت في المستشفى اليوناني. وفاجأنا ذات ليلة بقوله: سأدرس القانون من المنزل.
وسررنا بذلك، ووجدنا فيه ما يتناسب مع تفوقه القديم المتجدد مع الزمن.
وسأله صادق: هل رجعت إلى هدفك القديم؟ - نعم، أنا لا أفرق بين الوطنية وبين الاشتغال بالسياسة.
Bilinmeyen sayfa