وسكت عن التصريح ببيان حكم نسخ الكتاب بالسنة، لأن كلامه الآتي يقتضي أنه يجوز بالسنة المتواترة ولا يجوز بالآحاد.
وقد اختلف في جواز ذلك ووقوعه، وقال في جمع الجوامع: "الصحيح أنه يجوز نسخ القرآن بالقرآن أو بالسنة"، أي سواء كانت متواترة أو آحادا، ثم قال: "والحق أنه لم يقع إلا بالمتواترة".
وقال الشارح (¬1) في شرحه لجمع الجوامع: "وقيل: وقع بالآحاد في حديث الترمذي وغيره {لا وصية لوارث}، فإنه ناسخ لقوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين}، قلنا: لا نسلم عدم تواتر ذلك ونحوه للمجتهدين الحاكمين بالنسخ لقربهم من زمان النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى.
ويوجد في بعض نسخ الورقات: (ولا يجوز نسخ الكتاب بالسنة)، ويريد غير المتواترة، بدليل ما سيأتي، واختار القول بالمنع، وتقدم أنه يجوز تخصيص الكتاب بالسنة، فكأنه رأى أن التخصيص أهون من النسخ.
(ويجوز نسخ المتواتر) من كتاب أو سنة (بالمتواتر) منهما.
(ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر، ولا يجوز نسخ المتواتر)
كالقرآن والسنة المتواترة (بالآحاد)؛ لأنه دونه في القوة، وقد تقدم أن الصحيح الجواز، لأن محل النسخ هو الحكم، والدلالة عليه بالمتواتر ظنية، فهو كالآحاد، والله أعلم.
[باب التعارض والترجيح]
(فصل) في بيان ما يفعل (في التعارض) بين الأدلة.
وهو تفاعل من: عرض الشيء يعرض، كأن كلا من النصين عرض للآخر حين خالفه.
Sayfa 43