Qur'ānists: Origins - Beliefs - Evidence
القرآنيون، نشأهم - عقائدهم - أدلتهم
Yayıncı
دار القبس
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Yayın Yeri
دمشق
Türler
المطلب الأول: رفض أحاديث رؤية الله ﵎:
لقد تحققّ شبهُ إجماعٍ من المعتزلة على نفيِ رؤية الله ﵎ في الآخرة، وردِّ الأحاديث التي تُثبِتُ هذه الرؤية، وتأويلِ الآيات الواردة فيها.
حيث ذكر القاضي عبد الجبار أنّ المعتزلة أجمعوا على «أن أفعاله تدل عليه؛ لأنه لا يُرى ولا يُدرَكُ بالحواسّ» (١).
وها هو الجاحظُ يُجادلُ أصحابَ الرؤية بكلامٍ طويلٍ في فصلٍ من كتابه «الردّ على المشبّهة» بقول:
«ثم رجع الكلام إلى أول المسألة، حيث جعلنا القرآن بيننا قاضيًا، واتخذناه حاكمًا، فقلنا: قد رأينا اللهَ استعظَمَ الرؤيةَ استعظامًا شديدًا، وغضبَ على من طلب ذلك وأراده، ثم عذّب عليه، وعجّب عبادَه ممن سأله ذلك، وحذّرهم أن يسلكوا سبيلَ الماضين، فقال في كتابه لنبيه ﷺ: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ﴾ [سورة النساء ٤: الآية ١٥٣].
فإن كان الله تعالى - في الحقيقة - يجوز أن يكون مرئيًا، وببعض الحواسِّ مُدرَكًا، وكان ذلك عليه جائزًا، فالقوم إنما سألوا أمرًا مُمكِنًا، وقد طمعوا في مَطمَع، فلِمَ غضب هذا الغضب، واستعظم سؤالهم هذا الاستعظام، وضرب به هذا المثل، وجعله غاية في الجرأة وفي الاستخفاف بالربوبية ...؟» إلى آخر ما ذكر من المجادلة (٢).
وقد نقل عُلماءِ العقائد والفرق إطباقَ السواد الأعظم من المعتزلة على نفيِ الرؤية، فقد قال الشهرستاني:
«واتفَقوا على نفي رؤية الله تعالى بالأبصار في دار القرار، ونفي التشبيه عنه من كل وجه: جهة ومكانًا، وصورة وجسمًا، وتحيُّزًا وانتقالًا، وزوالًا وتغيُّرًا وتأثُّرًا، وأوجَبوا تأويلَ الآياتِ المتشابهة فيها وسَمَّوْا هذا النمطَ: توحيدًا» (٣).
_________
(١) «طبقات الاعتزال وفضل المعتزلة» ص ٣٤٦.
(٢) «كتاب المعلمين وكتاب في الرد على المشبهة»: فصول من كتاب في الرد على المشبهة: ص ١١٧.
(٣) «الملل والنحل» ص ٥٧.
1 / 35