ومن الظواهر الطبيعية اتخذ رموزه من نوعين: (1)
فإذا أراد الطبيعة الجرداء، استخدم اليباب، والقفر، والبلقع، والرمال والصخر. (2)
وإذا أراد الطبيعة الخصبة الخضراء، استخدم الخميلة، والعود المورق، والمياد، والجداول، والبستان، والأزهار، والأراك، والبان، والغصون، والروض، والماء العذب، والسحاب، والمطر، والطل، والوبل، والندى، والظل الظليل، والورد، والفنن. (د)
ومن الظواهر الفلكية اتخذ رموزه من السماء، والشمس (أو الشموس) والبدر (أو البدور) والبرق (أو البروق )، والرعد (أو الرعود)، والنجم، والليل، والسحر، والشفق، والضحى، والشروق، والغروب. (ه)
ومن المظاهر الحضارية اتخذ الرمز من القباب، والخيام، والطنافس، والدمقس، كما استخدم رموز الموت: الطلل (أو الطلول) والربوع الدارسة، والنواويس. (و)
ومن الثقافات الدينية استمد لمحات كثيرة من الموسوية والعيسوية والمحمدية وذكر آدم وإدريس وداود، واستخدم كلمات التوراة والزبور والإنجيل والقرآن، وأشار إلى القساوسة والبطاريق والشماميس، والرهبان، والأوثان والأديرة. (ز)
ومن التاريخ الأدبي أفاد من روايات الحب والمحبين: بشر وهند، قيس وليلى، وجميل وبثينة، «واذكر لي حديث هند، ولبنى، وسليمى، وزينب وعنان، واندباني بشعر قيس وليلى، وبمي والمبتلى غيلان» (ص82 / 3).
وطريقته في تأويل هذه الرموز، تختلف باختلاف السياق، فإذا ما كانت الموازاة بين المعنى الغزلي المباشر وبين المعنى الصوفي الباطن قريبة واضحة، جاء تفسير الرموز بغير اعتساف ظاهر؛ لأنه في هذه الحالة لا يجد ما يحمله على الإغراب في التأويل، وأما إذا كانت تلك الموازاة بين المعنيين بعيدة ضعيفة، فعندئذ يغلب أن يجيء تفسير الرموز مفتعلا يدعو إلى كد الذهن، ولقف العلاقات البعيدة بين الرمز وما يشير إليه. وفيما يلي أمثلة للطرق المختلفة التي لجأ إليها ابن عربي في تأويل رموزه: (أ)
الطريقة المجازية المألوفة في الشعر، وذلك بأن يلتمس علاقة شبه واضحة بين المشبه والمشبه به، أي بين المرموز إليه والرمز؛ فمن المألوف في قراءة الشعر وفهمه أن نفهم من المطر - مثلا - كرم العطاء، ومن الأسد شجاعة الشجاع، وهذا التفسير المجازي كثير عند ابن عربي خصوصا حين تكون الشقة ضيقة بين المعنى الغزلي المباشر وبين المعنى الصوفي الباطن، فنراه يرمز إلى الأرواح بالطير، وإلى الطبيعة البدنية بالصخر، وإلى الإنسان بعد كسبه للمعارف بالعود الذي أورق، وبالبستان الذي أزهر وأينع، وإلى حياة النعيم بالطنافس. (ب)
الإشارة إلى التاريخ، سواء أكان تاريخ الديانات أم تاريخ الأدب، أم غير ذلك من سبل الإفادة بما يروى عن أحداث الماضي، فها هنا تكفيه اللمحة السريعة ليترك للقارئ تكملة المادة من عنده، فمن هذا القبيل ذكره للأنبياء وللكتب المنزلة ولأماكن العبادة، وكذلك ذكره لقصص المحبين ، والروايات التي تروى عن المتصوفة وما إلى ذلك.
Bilinmeyen sayfa