عله وقفا على الفرض والعرض
ولا حاجة بالمال يجمعه الفتى
ولا خير في مال إذا لم يصن العرض
فأجابه المقداد ينشد ويقول:
لقيت الفتى العباس في سائر الأرض
فأكرم من مال أصون به العرض
وأوردني بحرا من المال ممتلي
وهذا فعل من ليس له غرض
قال الراوي: وتتلو قصة الولهان وما جرى له مع ابن قيس بن مالك وبنت عمه الخنساء، وكيف حكم عليها الولهان في الطريق. قيل: إن قيسا كان يشرب الخمر حتى غلب عليه الشراب، فخرج يتمشى في الطريق وخرجت وراءه بنت عمه الخنساء، فمر الولهان ورأى قيسا على تلك الحالة فقبضه وأوثقه كتافا، وقبض على الخنساء وأردفها خلفه وطرح قيسا على جواده وسار طالبا أمله، أراد الولهان من الخنساء أن تطوعه على نفسه فأبت عن ذلك. وأما ما كان من المقداد فإنه سار ثمانية أيام بلياليها في برية قفراء، وقد طابت نفسه من مهر المياسة فلما كان اليوم التاسع وإذا هو قد أشرف على عين ماء تجري وعليها شجرة عالية، فنزل عن جواده وأخرج شيئا من متاعه من الزاد من لحم الوحش وجلس يأكل، فبينما هو كذلك وإذا بغبرة ثائرة وقتام قد أظلم منه الأفق وعجاج علا وملأ الفضاء، فعند ذلك انكشف الغبار عن فارس طويل القامة مدور الهامة مدموج الساقين عبل الذراعين، كأنه قلة من القلل أو قطعة فصلت من جبل وهو بالحديد مسربل ومن خلفه زمام ناقة يقودها وهي ترص الحصا بحوافرها، عليها فارس مكتف اليدين مغلول الرجلين وفيه ثلاث ضربات مهرولات، ومن خلفه جارية كأنها البدر الزاهر، وأن الفارس الذي كان مع الجارية أخذ ينشد ويقول:
خنساء، فيقي واسمعي كلامي
Bilinmeyen sayfa