Yunan Felsefesinin Hikayesi
قصة الفلسفة اليونانية
Türler
كل مثال كامل، فمثال الإنسان هو نموذجه الكامل، والإنسان الشخصي يبتعد منه ويقرب بنسبة كماله. (8)
وهي لا يحدها زمان ولا مكان وإلا كانت مشخصة. (9)
وهي معقولة، أعني أن في إمكان العقل إدراكها، وذلك بالبحث والاستنباط.
تلك هي صفات المثل التي تميزها من الأشياء المحسة تمييزا ظاهرا، فمثال الحصان مثلا يختلف عن الحصان نفسه في أن المثال حقيقة مجردة، وأنه وجود مطلق أما الحصان فشيء محسوس، وهو باطل، وليس له من الوجود الحقيقي إلا بمقدار قربه من مثاله، ومعنى ذلك أن الأشياء المحسة فيها جانب الوجود لقربها من المثال، وفيها جانب العدم لبعدها عن التجريد، فهي لهذا وسط بين الوجود والعدم، أعني أنها أنصاف حقائق، كذلك يتميز مثال الشيء عن الشيء نفسه بأن المثال واحد، أي إن هناك مثالا واحدا للحصان، أما الشيء نفسه فكثير متعدد، والمثال لا يحده الزمان والمكان؛ لأنه فكرة مجردة، أما الشيء المحس فزماني مكاني، والمثال لا يتغير ولا يتحرك، أما الشيء فمتغير أبدا متحرك أبدا.
وقد رد أرسطو نظرية أفلاطون هذه إلى مصادر ثلاثة: فقد أخذ من الإيليين فكرة الوجود المطلق وطبقها على المثل، وأخذ من هرقليطس فكرة التغير المطلق وطبقها على الأشياء المحسة، كما أخذ من سقراط نظرية المدركات العقلية.
ولما كانت المثل دائمة ثابتة لا يطرأ عليها تغير أو فناء كانت هي مصدر المعرفة الحقيقية، على خلاف عالم الحس الذي يخضع لتغير متصل لا ينقطع، ولا يثبت الشيء على حاله لحظتين متتابعتين، فهو لا يصلح أن يكون مصدرا للعلم؛ لأنك لا تستطيع أن تعلم شيئا عن جسم يتغير من لحظة إلى لحظة؛ إذ لا بد أن يثبت أمام العقل حتى يمكن العلم به، ولكن هذه الأشياء المحسة ليست مجهولة منا كل الجهل، فهي تصور المثل وتحاكيها على حال يختلف حظه من الدقة باختلاف الأشياء؛ وهي لهذا يمكن معرفتها بقدر دقة محاكاتها للمثل، فإن كان هذا الإنسان أقرب من ذلك إلى مثال الإنسان، كنا به أعلم .
وليست تقتصر المثل على الأشياء العقلية كالخير والجمال والعدل، والأجسام كالحصان والشجرة والنهر، والصفات كالبياض والسواد، ولكنها تتناول الأشياء المصنوعة أيضا، فهذه المقاعد والموائد والملابس والأسرة لها مثل أيضا، بل إن هناك مثلا للقبح والظلم، ومثلا لصنوف الأقذار.
وقد كتب أفلاطون في إحدى حواراته ما يدل على ذلك دلالة واضحة، فجعل بارمنيدس يسأل سقراط الصغير: هل هناك مثل للشعر والأقذار؟ فأنكر سقراط في جوابه أن يكون لمثل هذه الأشياء الوضيعة مثل، فيصححه بارمنيدس قائلا: إنه إذا ارتفع إلى مرتبة الفلسفة العليا فلن يزدري هذه الأشياء كما يزدريها الآن، والخلاصة أن كل شيء يكون له في الذهن إدراك كلي، أعني أن كل نوع تنطوي تحته جزئيات كثيرة ويكون له اسم واحد يطلق عليه، فله مثال.
ثم تقدم في نظرية المثل فقال: إن الحقيقة المطلقة - أي المثل - ليست وحدها منعزلة، ولكنها أعضاء من كل واحد، أي إنها في مجموعها تكون كلا ذا أجزاء، وكل هذه الأجزاء متصل بعضها ببعض.
فكما أن المثال الواحد يطبق على جزئيات كثيرة من الأشياء المحسة يكون هو بينها العنصر المشترك، كذلك يكون فوق كل طائفة من المثل الدنيا التي تشترك في صفة ما مثال أعلى منها، وهذا المثال الأعلى نفسه يكون فوقه مضافا إليه ما يشبهه من المثل مثال أعلى، وهكذا دواليك: فمثال البياض ومثال الحمرة ومثال الزرقة يشملها كلها مثال اللون، ومثال الحلاوة ومثال المرارة تنطوي تحت مثال الطعم، ثم تنطوي مثل اللون والطعم وما إليهما تحت مثال أعلى منهما هو مثال الكيف، وهكذا تظل تتدرج في العلو حتى يتكون لديك هرم، وفي قمته المثال الأعلى الذي يفوق كل ما عداه من المثل، وهو حقيقة الوجود المجردة التي وجدت بنفسها ثم صدرت عنها سائر المثل، بل الكون كله، ذلك هو مثال الخير، ومن هذا نرى أن عالم المثل وحدة، إلا أنها تتكون من أجزاء كثيرة، وأهم مسائل الفلسفة عند أفلاطون هي معرفة مراتب هذه المثل والعلاقات التي تربط بعضها ببعض؛ ولذلك بدأ في دراسة تلك العلاقات ولكنه لم يكمل بحثه، وإنما أكثر من ضرب الأمثلة على العلاقة فقط، فقال مثلا: إن مثال الخير هو أساس كل المثل، وإن ما عداه مؤسس عليه ومشتق منه، ولكن لم يبين بعد ذلك هذه العلاقات بوضوح.
Bilinmeyen sayfa