Modern Felsefenin Hikayesi
قصة الفلسفة الحديثة
Türler
وهذا التضاد بين عنصري الله قد جعلا منه المجرد والمحسوس في وقت معا، ولولا تلك الإثنية في طبيعة الله لما خلق هذا العالم المادي الذي نعيش فيه. (5-3) مونتاني
Montaigne (1533-1592م)
جاءت النهضة الأدبية، فأعلنت معها حرية الإنسان فيما يفكر، وانطلق العقل من قيود الفلسفة المدرسية إلى حيث الطبيعة يجلوها ويتفكر في جوانبها، وسرعان ما تنبه الإنسان إلى قيمة نفسه وعظيم قدره بين الكائنات حتى نشأ لذلك مذهب خاص يعرف بالمذهب الإنساني
Humanism
يرفع الإنسان إلى أرفع المراتب، ويضع مصلحته فوق كل شيء آخر. وكان مونتاني هو لسان هذا المذهب بما آتاه الله من بيان رائع أخاذ، وكان من خير ما أحدثه أنصار مذهب «الإنسانية» نمو الفردية، أعني قوة شعور الإنسان بشخصيته، واعتقاده أنه فرد ذو روح حساسة، له أن يعارض السلطة وذويها، وعليه أن يفكر بنفسه لنفسه.
نظر مونتاني فإذا بالحواس مخطئة فيما تنقل إلى صاحبها من ألوان المعرفة، فهي لا تبعث على اليقين، ولا تقدم إلينا من الحقائق ما نقطع بصحته ونركن إليه ركونا مطمئنا، وهي عاجزة أن تكشف لنا عن طبيعة الكون عجزا يكاد يكون تاما، وليس في مقدور الإنسان أن يصل عن طريقها إلى قانون طبيعي يتفق على صحته الناس جميعا. فلكل فرد نظرة إلى العالم بغير أن تسفر هذه النظرات المختلفة عن معرفة يقينية يقرها الجميع، هذا وليس العقل البشري بأحسن من الحواس حالا، فهو ضعيف أعمى، وعلمه خداع يعتمد على التقليد، وإذن فليس حقيقا أن يتخذ سبيلا إلى المعرفة المؤكدة الثابتة.
الحواس مخطئة والعقل خداع، فلا محيص للإنسان عن الشك والارتياب، وأقل ما يتمتع به الشاك الحرية المطلقة من قيود التقاليد. وهكذا كان مونتاني داعية إلى الشك بين قومه، فلكل إنسان الحق في أن يفكر لنفسه، وأن يتخذ من نفسه حكما لنفسه، لا سلطان عليه ولا رقيب.
الفلسفة الحديثة
رأينا أن وجهة الفكر في القرون الوسطى كانت دينية محضة، وكان الدين هو الذي يحدد أغراض العلم ويسن نظم البحث، وكان البحث الفلسفي إنما يدور حول الآخرة وعالم الغيب، حتى إذا كانت عوامل النهضة والإحياء دعا داعي الثورة والانقلاب، فاشتد الهياج على النظام الموجود، والمبادئ القائمة، وزاد سخط الناس على ما لديهم من عقائد عتيقة، فأعلنت الحرب على كل نوع من أنواع السلطات، وطولب بحرية الفكر، وأصبح الحق في نظر الناس ليس ما اعتبر حقا منذ قرون، ولا ما قال عليه فلان إنه حق سواء كان القائل أرسطو أو غيره، إنما الحق ما برهن لي عليه، واقتنعت بكونه حقا، وبدت طلائع الفلسفة الحديثة التي كانت في أول عهدها أميل إلى الاتجاه نحو الطبيعة، وانصرف الفكر الحديث - بدافع الروح اليونانية - إلى الطبيعة وعلومها ينظر نظرا غير متحيز، وقويت الرغبة في تعرف العالم من جديد.
هذا ولم تكن الفلسفة الحديثة طبيعية فحسب، بل كانت فردية كذلك؛ فقد كان من خواصها لفت عقل الفرد وتحريره من رق رجال الكنيسة، وكان من أغراض الحركة الحديثة تقرير حق الأفراد في الحكم على الأشياء، فلكل فرد أن يبحث وينتقد غير مقيد ذلك بأية سلطة خارجية. ومعنى هذا كله أن النهضة الفكرية قررت أن يكون لعقل الفرد القول الفصل، وعلى هذا الأساس قامت الفلسفة الحديثة، وكان أول من حمل لواءها «بيكون» و«ديكارت».
Bilinmeyen sayfa