Dünya Edebiyat Tarihi (Birinci Cilt)
قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
Türler
تأليف
زكي نجيب محمود وأحمد أمين
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه «قصة الأدب في العالم» بعد قصة الفلسفة اليونانية، و«قصة الفلسفة الحديثة»، عرضنا فيها للآداب العالمية قديمها وحديثها، شرقيها وغربيها، في أسلوب أقرب ما يكون إلى القصص، وعرفنا بأشهر رجالها، ولخصنا أشهر نتاجهم، وقدمنا بعض نماذج من آدابهم.
ودعانا إلى هذا العمل ما رأينا من حاجة الأدب العربي إلى أن يضع عينه على الآداب الأخرى، يستفيد من موضوعاتها واتجاهاتها، ويستلهم بعض نماذجها كما تفعل كل أمة حية الآن، فلم تترك أدبا من الآداب الشرقية والغربية إلا أعلمت قومها به ووقفتهم عليه، وذكرت لهم خصائصه، وعيوبه ومميزاته، ونقلت شعره شعرا ونثره نثرا، وعرفتهم بأشهر رجاله، وترجمت أقوم آثاره؛ فلو شاء إنجليزي أو فرنسي أو ألماني أن يعرف أي أدب؛ صيني أو ياباني أو هندي أو فارسي أو عربي، أو أي أدب آخر غربي، لوجد من كل ذلك الأدب الكثير بلغته، ووجد المطولات والمختصرات، والمجموعات والمتفرقات. واستغل أدباء كل أمة هذه الآداب المعروضة خير استغلال، فاستغلوا ألف ليلة وليلة، ورباعيات الخيام، والشعر الجاهلي، والقصص الهندي. وكل يوم يزيدون من ثروتهم ونتاجهم؛ أخرجوا المجموعات الواسعة في قصص العالم، ومختارات من الكتب الدينية في العالم، والكتب الكبيرة في أهم آداب العالم، وهكذا حتى لم يعد الأدب ملك الأمة التي أنتجته، بل أصبح ملكا مشاعا لكل أمة يقظة تستثمره وتستغله. وأصبح شأن الآداب شأن البريد، وغلات العالم، والمستكشفات الطبية والعلمية ليست ملكا لأحد حتى ولا مخترعها، بل هي ملك لكل أحد شاءها واستطاع الاستفادة منها.
ومما يؤسف له أن النهضة العربية في عصر الدولة العباسية أسست نهضتها على الترجمة، وكان هذا طبيعيا، ولكنها أضربت عن ترجمة الأدب، فترجمت الفلسفة والطب والرياضة والفلك وكل شيء، واستغلت كل معارف اليونان والرومان وغيرهم، حتى إذا وصلت إلى الأدب أغمضت عينها عنه، وسدت الباب في وجهه لأسباب عرضنا لها في ثنايا هذا الكتاب. ولكن مهما كانت الأسباب فقد كان ذلك خسارة كبيرة، نشأ عنها أن صار الأدب العربي - وخاصة الشعر - لا يجري إلا في المجرى الذي شقه الأدب الجاهلي في أوزانه وقوافيه وموضوعاته، فإن فعل ما أتي بعده من أدب شيئا فهو أنه وسع المجرى القديم، ولكنه لم ينشئ مجري جديدا، ولا حفر روافد جديدة تمد المجرى الأصيل، ولو فعلوا لكان لنا تنويع في البحور وتنويع في الموضوعات، ولكان لنا شعر ملاحم وشعر تمثيل، وروايات وقصص استلهم فيها الأدب اليوناني والروماني وغيرهما.
وكان من نتيجة هذا الإضراب عن استغلال الآداب الأخرى أن توجه كل النشاط الأدبي إلى الأنواع المأثورة لا الأبواب المفتوحة، فأصبح الأدب العربي غنيا كل الغنى في بعض أبوابه، فقيرا كل الفقر في بعض أبوابه، مما لا مجال هنا لبيان ذلك، فلعل القارئ يصل إلى هذه النتيجة بنفسه إذا هو قرأ هذا الكتاب.
أملت ألا تقع نهضتنا الحديثة في الخطأ الذي وقعت فيه نهضتنا القديمة، وتمنيت أن تنقل إلينا الآداب الأخرى كاملة، فيكون لنا كتاب بل كتب في الأدب اليوناني، ومثلها في الأدب الروماني، ومثلها في الأدب الهندي، وكتاب في الأدب الإنجليزي الحديث، ومثله في الأدب الفرنسي، ومثله في الألماني، ويقوم بوضع كل كتاب المتخصصون في موضوعه، وأشرف على هذا العمل وأوجه إليه؛ ولكني رأيت هذا العمل مع كماله وقيمته يتطلب السنين الطوال، والمجهود المحفوف بالعقبات والصعاب. ومع هذا فقد لا يكون هذا العمل أوجب شيء الآن، ولا بد أن يبدأ بألف باء قبل قراءة الجمل؛ ورأيت أن ربما كان من الخير أن نبدأ بعرض الآداب المشهورة عرضا قريبا، حتى إذا استساغه القراء وتفتحت نفوسهم لمادة أوسع وغذاء أوفى، كان ذلك الخطوة الثانية بعد الخطوة الأولى، وقام بها من يأتي بعدنا، ويكون أوسع في الأدب والعلم حظا منا؛ سنة التطور الطبيعي.
ولكن خفنا - إذا نحن اعتمدنا على الكتب الإفرنجية التي كتبت في هذه الموضوعات - أن نقع في أخطاء قد تكون هذه الكتب وقعت فيها، أو أن تكون قد انحرفت عما ينبغي أن يختار، أو نحو ذلك من وجوه الزلل. ولسنا ندعي التخصص في كل أدب، ولا العلم العميق في كل فن، فرأينا - توفيقا بين الرغبة في إنجاز هذا العمل الهام، وبين الأمانة العلمية - أن نعرض كل فصل على المتخصصين فيه؛ فعرضنا فصل الأدب العبري على الدكتور فؤاد حسنين، وقد أعاننا كثيرا على تحضيره، كما عرضناه على الأستاذ عطية الإبراشي فأقره. وعرضنا الأدب اليوناني على الدكتور محمد مندور، فقرأه بعناية، وأفادنا فيه فوائد كثيرة، ولم يوافقنا على وجهة نظرنا في فصل التاريخ، فكتبه من جديد كما نشر في هذا الكتاب. وعرضنا فصل «دانتي» على الدكتور حسن عثمان؛ وعرضنا الأدب الفارسي القديم على الدكتور عبد الوهاب عزام، فزاد فيه، وكتب فصل الأدب الفارسي في العصور الوسطى، فلهم جميعا منا وافر الشكر.
ومع هذا فمحال أن يخلو مثل هذا المشروع الضخم من خطأ بل أخطاء، فقد نكون أجملنا حيث يجب التفصيل، أو فصلنا حيث يجب الإجمال، أو اخترنا ما غيره خير منه، أو اعتمدنا في الترجمة على نص إنجليزي، والنص اليوناني الأصيل يخالفه بعض المخالفة، أو نحو ذلك. ولكن هذا مدى جهدنا، وهو ما استطعنا، ولنا الشرف أن نسمع نقد الناقد والمرشد إلى الخطأ والموجه إلى الصواب.
Bilinmeyen sayfa