والقول الأول هو الوجه، أي: الوصل أحرى بأن أعجب منه من الهجر لأن من شأنك أبدًا أن تهجرني.
قال الشيخ: أعجب ما في هذا أن الشوق يوصف بغليظ الرقبة، وليس من جميع هذا التفسير شيء، فإنه يُشبب فيه بسيف الدولة، وكذلك في أكثر مدائحه لكافور، كقوله:
فراقٌ ومن فارقتُ غيرَ مذمَّمِ ... وأمٌّ ومن يمَّمتُ خيرُ مُيَمَّمِ
وفيها يقول:
رحلتُ فكم باكٍ بأجفانِ شادنٍ ... عليَّ وكم باكٍ بأجفانِ ضيغمِ
وما ربَّةُ القُرطِ المليحِ مكانُه ... بأجزعَ من ربِّ الحسامِ المصمِّمِ
فلو كانَ ما بي من حبيبٍ مقنَّعٍ ... عذرتُ ولكن من حبيبٍ مُعمَّمِ
ومعناه أغالب شوقي إليه وأدفعه، وهو أغلب وأقهر لي مني له، وله اليد والقوة والغلبة عليَّ، وأعجبُ من الهجر الواقع بيننا والوصل أعجب، أي: كيف عييت وشقيت بفراق مثلك والوصل الواقع بيننا أعجب من الهجر؟ أي: كيف وصلت إلى خدمتك مع نكادة الدهر فيها وشُح الزمان عليها وسقوط بختي دونها ومماطلة أيامي بمثلها وضنها عليَّ بظلها، مضايقتها إياي بمحلها، فوصولي إليها أعجب من سقوطي عنها؟ كما قال غيره:
عجبتُ منَ الزَّمانِ ونُصحِهِ لي ... بِقَصدِكَ وهو خوَّانٌ مُريبُ
1 / 79