قال أبو الفتح: ضرب ذلك مثلًا، أي كان له مشتغل بما يلقى منهم من قبل الوصول إليهم وإباحة حريمهم، ويمكن أن يكون كنى بالشموس عن النساء وبالضباب عن المحاماة دونهم.
قال الشيخ: نعم كنى بالشموس عن نسائهم وعن عجاج الحرب بالضباب، أي: كما أن الضباب يحجب الشمس، ويكف عنها الأبصار كان العجاج، أي: عجاج الحرب يكف الأبصار عن ملاحظة نسائهم فضلًا عن السبي لو غزاهم غير سيف الدولة، والعبارة بالضباب عن المحاماة محال فاسد، وإن كان عجاج الحرب للمحاماة دونهم، وهذا هو الملح الصرف والحسن البحت والسحر الطلق والحذق المحض الذي عمله في الكناية عن النساء بالشموس، وعن العجاج بالضباب، والذي هو الحجال الحائل بين سيف الدولة ونسائهم، فبطل متى قيل: كنى بالضباب عن المحاماة، إذ لا قرابة ولا تشبيه ولا مشاكلة بين الضباب والمحاماة كما هي حائلة بين العجاج الذي هو معنى الضباب وبين المحاماة، يوضحه قوله بعده:
ولاقى دون ثايِهمُ طًعِانًا ... يُلاقى عندَهُ الذِّئبَ الغُرابُ
(ولا ليلٌ أجنَّ ولا نهارٌ ... ولا خيلٌ حملنَ ولا رِكابُ)
قال أبو الفتح: هذا يشبه قوله:
1 / 41