وخرج تحت المطر وهو يلعن؛ لكي يفك خيوله التي تركها تمرح في الفناء.
وأخذت بطة ضالة تصيح في يأس، وبيتر يحس بوخز في ساقه المجروحة.
ووصل جاراه فاسيل وماريا إلى عتبة البيت مغطيين رأسيهما بالقماش. - لا تقلق يا ماجون ... إنهما غلامان، مبروك.
وأراد بيتر أن يرد وأن يشكرهما، ولكنهما لم يعطياه الوقت، فقد وصلا إلى الشارع، وهدأ المطر فلم تعد تسقط غير قطرات نادرة من الماء، وأوراق الطلح تهتز فتقلق راحة العصافير في أوكارها.
واصطف أطفال ماجون من جديد أمام الباب، ووضعت أنا رأسها في النافذة وهي صفراء كالشمع، وظل بيتر وحده في الفناء وقدماه الكبيرتان العاريتان مغروستان في طين أمطار يونيو، وليست لديه أية رغبة في الدخول، وصهل أحد خيوله، وأحس بأن صيحة الحيوان الجائع تتخذ شكلا وإطارا؛ لتبقى معلقة على طلح الطريق تحت بصر أطفاله.
وخرج ماجون من الفناء؛ ليذهب إلى بيت أنطواني لونجو متشوقا إلى أن يعرف عند من ذهب صيارفة الخزانة في ذلك اليوم، وهل وقعوا الحجز على حاجيات أحد؟
ولم يقل شيئا لأنا ولا لأطفاله، وعبرت أصوات الصهيل السور من جديد قادمة من الفناء، وتقدم بيتر مبهوتا إلى وسط الطريق وأصوات الصهيل تتبعه، ويراها معلقة على أشجار الطلح وهي تلح عليه، ولكنه يحاول أن يفهم قائلا: «هل حدث أن رأى إنسان صيحات معلقة بأغصان الأشجار؟»
وهبط المساء - في هدوء - بخطى ناعمة، وصفت السماء، والشمس الغاربة ترسم أزهارا بنفسجية فوق زجاج نوافذ المنازل الريفية.
زهاريا ستانكو (1902)
زهاريا ستانكو الصحفي المكافح والشاعر الموهوب (قصائد بسيطة) فيما بين الحربين اكتسب شهرة دولية؛ بفضل روايته «حفاة الأقدام» سنة 1948 التي ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة من لغات العالم، وستانكو بارع في بعث التاريخ الذي عاشه طفلا وشابا، واتخذ منه مادة لهذه القصة، فهي اعترافات حياته الخاصة، وفي نفس الوقت لوحة اجتماعية وسياسية للحياة الريفية والحضرية منذ أربعين عاما، وواقعة القصة ترتبط عنده بلغة تصويرية تعطي صفحاته طابع الشعر المنثور.
Bilinmeyen sayfa