فأسرع ماجون إليه وهو يقسم، ويضرب بظهر منجله. - يا لله! يا لك من حيوان! أتريد أن ترعى حقلي؟ أنا لا أملك مائة فدان من الأرض بل أملك هذه النتفة!
وارتفع صوت ليزاندرولوكيا الذي كان يحصد هو الآخر على مسافة قريبة قائلا: «حيلك يا أب ماجون! لا تضرب ثوري ... بل سقه ناحيتي.»
ومرة أخرى انتشر الصمت على السهل.
وبيتر ماجون يحصد بيده العريضة حزما من القمح في حرارة ونهم بالغين، وأنا على العكس تتحرك في مشقة، فهي دائما متأخرة عن زوجها؛ ولذلك كان بيتر يعود أدراجه عندما يتقدمها بكثير.
وصمت الاثنان وأحيانا كان منجله يتعثر في بعض الجذور فيصيح لاعنا ، بينما تلوح أنا وكأنها لم تسمع شيئا، مكتفية بأن تدير رأسها نحوه وتبتسم بشدة، وكأنها تبتسم رغما عنها، فعيناها حزينتان وقد اتسعتا مسرفا.
وحوم صمت مر فوق سهل برجان، وكأنه يهتز في الهواء تحت وقدة الشمس، فالأرض تحترق، وسيقان القمح تتقصف، وأوراق الذرة تصفر اصفرارا مبكرا وتنكمش في شكل أقماع.
ومع ذلك فالفلاحون يعملون، ولا يرى الإنسان غير ظهورهم وهم يتقدمون منحنين عبر حقول القمح، فهم يحصدون وعندما ينهضون يفحصون السماء، والزنابير تضرب بأجنحتها السنابل المنحنية.
ومن ناحية المستنقعات ترتسم بقعة بيضاء هي سحابة خفيفة تكاد تشبه خيطا من الدخان على وشك التبدد.
ويمتد الجفاف متسللا كالمرض ...
ويحسه الإنسان في زرقة السماء الكثيفة، وفي خوار الدواب، وفي كل ساق سنبلة فوق الأرض المنهكة، وهو يمتد أبكما ثقيلا كالموت مبتلعا المياه والحياة.
Bilinmeyen sayfa