الكتاب الثاني، الفصل التاسع
ال. ساهيا (1908-1937)
بالرغم من موت ساهيا المبكر، فإنه يعتبر رائد هذا الجيل الشاب من الكتاب التقدميين الذي يزدهر اليوم في رومانيا.
لقد عمل صحفيا مكافحا في سبيل الأفكار اليسارية في «العهد الجديد» و«القمصان الزرقاء»، وترك ساهيا إنتاجا صغيرا منعه الموت وحده من أن يثريه ويتمه، وفي قصصه وحكاياته كان أول من حقق الطريقة البسيطة المباشرة في وضع المشكلات وتصوير الناس في مثل: «ثورة الميناء»، و«المصنع الحي» أو «أمطار يونيو» التي تعتبر اليوم من القطع الكلاسيكية في الأدب المستوحى من حياة العمال.
ونزاهته العقلية وشجاعته، وروحه الديمقراطية الصامدة لا تزال تعتبر مثلا حيا لكتاب اليوم الشبان، الذين يواصلون اتجاهه في الكتابة والكفاح وسط الظروف الجديدة التي تلت التحرير. (1) أمطار يونيو
كانت شمس يونيو تصوب أشعتها الحارقة إلى السهول، وقد جف العشب جفافا تاما وغاض عصير الحقول، فالقمح نادر والسنابل ضامرة، وشواشي الأزهار البرية الزرقاء ونبات ذيل القط تنتثر على جوانب الدروب الصلبة.
وكانت بعض بخات من المطر قد سقطت حول منتصف مايو، ثم لم تسقط بعدها قطرة ماء واحدة.
واتخذ سهل برجان منظرا جهما، ونهر إيالو منزا ينساب في هدوء بين شواطئه المحروقة ليتجه نحو الدانوب.
ومن وقت إلى آخر يخترق الهواء الخانق صهيل مكتوم لأحد الخيول، والسماء صافية زرقاء، وفي الأفق من ناحية المستنقعات على حدود برجان أخذت ترتسم سحابة واحدة وهي تتقدم نحو حاصدي القمح.
وقطع بيتر ماجون عمله ونهض وهو يقرقع عظامه، وهب نسيم خفيف من الشرق على ظهره فنفخ قميصه المبلل بالعرق، وقد نصل طلاء مقبض منجله الأزرق على راحة يده اليمنى؛ فرشق آلته في حزمة من القمح، وانتزع بيده حزمة من اللبلاب ودعكها بقوة بين راحتيه، ولكن الطلاء الأخضر كان قد تسرب إلى المسام فلم يستطع محوه، وأخذ العرق يتصبب من جبهته على خديه زاحفا إلى ذقنه؛ لكي يسقط فوق صدر قميصه.
Bilinmeyen sayfa