قال ذلك وهو يدخل غرفة النوم بمعطفه وطاقيته المبطنة وعصاه، ولنذهب سريعا إلى المائدة فالساعة الآن التاسعة والنصف. (5) خطاب عائلي
كان لدينا قديما في صندوق قبعات قديم دب من القطيفة لو لم يكن أصفر في لون عباد الشمس لأصبح مخيفا، ولارتعد منه المخزن كله، وكان تحت أخشاب السقف أيضا خروفان مجزوزان، وثلاثة أبقار كسيحة ومهر سكن هناك؛ لأنه من الخشب!
وكان دبنا إذن أصفر، وهذا اللون يجرد الأشياء من صرامتها ولا يخيف أحدا؛ ولهذا اختارته الأزهار، وكان للدب فوق ذلك عينان من الزجاج تتجهان بنظراتهما مباشرة إلى السقف، وأعتقد أن الآنسة الخياطة بعد أن كست الدب بست قطع من القطيفة - التي فصلتها بمهارة - أخطأت في اختيار الصندوق، وعندما همت بتركيب العينين، فبدلا من أن تأخذ عيني دب أخذت عيني حمامة! والدب فيما يبدو لي يجب أن تكون نظرته شريرة، ومع ذلك فنظرة دبنا كانت مليئة بالطيبة.
كان الدب قد أقام هنا في المنزل عامين كاملين قبل أن يصعد إلى المخزن، ولكنه كان يحدث من الأضرار ما اضطرني إلى أن أعزله، وهكذا استيقظ ذات صباح ليجد نفسه في صندوق القبعات، بعد أن حاولت عبثا وبكل الطرق أن أرده إلى الاستقامة.
فالخياطة عندما كست دبنا بقطيفة جاكتة مبطنة من مخلفات الجدة، لم يخطر ببالها أنها بحبك هذا الكساء قد خلعت عليه دون أن تدري عيوبا لم تكن في الجاكتة، ولا في القطيفة في الزمن الخالي، وأبو جميع الدببة الذي يتجول في الخفاء عبر العالم، ويسهر على صغاره هناك بأعلى الجبل، حافرا لها كهوفا، ومدحرجا في الشتاء كتلا من الصخر؛ ليوصد بها أبواب تلك الجحور، والذي يقلق صغاره أثناء نومها ويمشطها، ويقص أظافرها بمنشار من الفضة يحتال لكي يمر بالدببة الصغيرة ذات القطيفة المحاكة للأطفال، وبالفتيات الصغيرات الرقيقات الأنامل، ويخدشهم هنا وهناك.
ودبنا قد اكتسب عادة السرقة الرديئة، ولم يكن يسرق إلا البونبون والشيكولاتة والمربى والفواكه والملبن! وبمجرد أن يأتي بابا إلى المنزل، ومعه صندوق من الحلوى كان يتشممه ويسرع في الإجهاز عليه دون أن يراه أحد.
من أكل الشيكولاتة؟
فتصيح البنت والغلام معا في جوقة صائحين: إنه الدب!
لقد رآه الاثنان معا، وقبضا عليه مرات كثيرة وهو يحاول الهرب تحت الأريكة ممسكا الصناديق بين ذراعيه، وذات يوم مزقا أذنه المحشوة بالقطن، وخلال عامين كاملين التهم الدب بهذه الطريقة جميع المربى والحلوى والمشمش الأخضر والبندق والليمون الحلو والفالوذج، ولكن من الواجب أن نقول: إنه لم يكن يأكل السلطانية دفعة واحد، بل يأخذ منها قليلا كل مرة، وكان يتناول بضع ملاعق من المربى، وحفنة بونبون يتلمظ بها قليلا قليلا.
وهكذا تقرر عزل اللص في المخزن كعقاب له، وللمحافظة بعد ذلك على المربى وبونبون الأطفال، ولكنه استمر في السرقة التي ينزل لأجلها من المخزن، حقا إننا لم نقابله قط على درج السلم؛ لأنه يحذرنا، وأما الأطفال فقد رأوه هم ولعدة مرات، فهو يقترب مختلسا الخطى، ويفتح الدولاب وينزع الأغطية ويفرغ السلاطين والصناديق، ثم يعود سريعا إلى جحره؛ وذلك لأن الدب لا يفكر في الاختفاء من الأطفال، وكان نفيه إلى المخزن ضرورة حتمية بعد أن تبين أن الجمل الصغير المجعد قد انتقلت إليه العدوى من الدب، فأخذ هو الآخر يأكل السكر.
Bilinmeyen sayfa