ومنذ بدء هذه المأساة كانت الأميرة روكسندرا لا تعرف شيئا عما يجري، ولكنها مع ذلك كانت تشعر بالقلق، ولم يكن باستطاعتها أن تعلم سبب الضجة التي سمعتها؛ لأن النساء - كما كانت العادة عندئذ - لم يكن يخرجن من مقاصيرهن، كما أن الخادمات لم يجرؤن على المخاطرة بأنفسهن وسط جيش لا يعرف أي نظام، ومع ذلك فإن واحدة منهن أكثر جرأة كانت قد خرجت، وعندما سمعت عن حركة تمرد ضد الحاكم جاءت لتخطر سيدتها.
وكانت الأميرة الطيبة ترتعد خوفا من غضب الشعب، وعندما دخل عليها إسكندر، وجدها تصلي أمام الأيقونة ومن حولها أطفالها.
وصاحت قائلة: «آه ... هأنت ذا ... شكرا لله! لقد كنت في خوف شديد.» - لقد أعددت لك ما يشفيك من خوفك على نحو ما وعدتك، تعالي معي يا سيدتي!
ولكن ماذا كانت تلك الصيحات، وذلك العواء الذي كنت أسمعه؟ - لا شيء! ... إن الخدم كانوا يتشاجرون، ولكنهم هدءوا الآن.
ثم أخذ روكسندرا من يدها وقادها نحو الصالة ... وعندما رأت ذلك المشهد المخيف صرخت صرخة فظيعة وأغمي عليها، فقال لابوشنيانو وهو يبتسم: «المرأة هي المرأة دائما، فهي تفزع عندما ينبغي عليها أن تبتهج!»
وأخذها بين ذراعيه وحملها إلى مقصورتها، ثم عاد بعد ذلك إلى الصالة، حيث قائد الشرطة وضابط الجنود المرتزقة ينتظرانه.
وقال للضابط: «تول أنت قذف جثث هؤلاء الكلاب من فوق الأسوار، وصفف رءوسهم على الجدران، وأما أنت يا قائد الشرطة، فلتحضر إلي سبانكيوك واسترويكي»، ولكن سبانكيوك واسترويكي كانا الآن بالقرب من نهر دنيستر، وكان أعوان الأمير الذين لاحقوهما قد أدركوهما في نفس الوقت الذي أخذا يعبران فيه النهر، وقد صاح بهم سبانكيوك قائلا: «قولوا لمن أرسلكم: إننا سنلتقي قبل أن نموت.» (4) إذا حدث أن شفيت، فإنني أنا أيضا سأحمل البعض على ارتداء المسوح
منذ ذلك المشهد كانت أربع سنوات قد مرت لم يأمر خلالها الأمير إسكندر بإعدام أحد من النبلاء؛ وذلك وفاء بالوعد الذي كان قد قطعه للأميرة روكسندرا، ولكنه أخذ يشبع نهمه الطاغي إلى رؤية الناس يتألمون باختراع أنواع مختلفة من التعذيب.
كان يفقأ الأعين ويقطع الأيدي ويشوه كل من يشك بهم، وإن تكن شكوكه على غير أساس؛ لأن أحدا لم يعد يجرؤ أن يهمس ضده.
وبالرغم من كل ذلك لم يكن مطمئنا؛ لأنه لم يستطع أن يضع يده على سبانكيوك وسترويكي اللذين أقاما في كامينتزا «في أوكرانيا» في انتظار وترقب اللحظة المناسبة، وبالرغم من أن إسكندر كان له صهران من الأمراء ذوي النفوذ في البلاط البولوني، فإنه كان يخشى أن يستنفر هذين النبيلين البولنديين اللذين كانا يترقبان أية تعلة لكي يدخلا ملدافيا، ولكن هذين الرومانيين كانا أكثر وطنية من أن يجهلا أن الحرب ودخول جيوش أجنبية معناه نهاية وطنهما.
Bilinmeyen sayfa