وظهرت امرأة طويلة القامة، شعرها حالك السواد، عارية الرقبة والذراعين، تلبس قميصا، وقد وضعت زهرة على رأسها، قال لرديون وهو يجذبها إليه: أي حوريتي! انظري إلى وجه هذا المواطن ولا تنسيه أبدا، هو مثلنا، أي ابيكاريس، له عواطف نبيلة، هو مثلنا يرى أن الفراق هو أروع أنواع العذاب والشرور، هو يرغب أن يذهب إلى السجن، بل إلى المقصلة أيضا، ولكن مع حبيبته! ابيكاريس، هل لنا أن نرفض أن نؤدي له هذا المعروف؟
فقالت الفتاة وهي تداعب خد قسيس الثورة: لا! - لقد أصبت الجواب، يا إلهتي، يجب أن نساعد هذين المحبين المخلصين ... أيها المواطن أندريه جرمان، اترك لي عنوانك، وستقضي الليلة بالسجن ...
فقال أندريه: لقد اتفقنا إذن؟!
فأجابه لرديون وهو يمد إليه يده: نعم، قد اتفقنا. اذهب وقابل حبيبتك، وأخبرها أنك رأيت ابيكاريس بين يدي لرديون ... ولتحدث هذه الصورة اضطراما في قلبيكما، ولتبعث بكما نحو أفكار لامعة براقة!
فأجاب أندريه أنهما ربما رأيا صورة أشد تأثيرا من هذه، ولكنه مبتهج على أي حال، ويأسف إذ ليس له أن يأمل أن سيؤدي للمواطن لرديون أي خدمة ردا على هذه الخدمة الجليلة التي أداها له هو.
فقال لرديون: إن الإنسانية لا تطلب جزاء ولا شكورا.
ثم قام وأردف وقد ضم ابيكاريس إلى قلبه: والآن، أي ابيكاريس، من يعلم متى يأتي دورنا ...؟ ولكن الآن فلنشرب! أيها المواطن، هل لك أن تشاركنا الطعام؟
وقد حبذت ابيكاريس الفكرة وأمسكت أندريه من ذراعه، ولكنه مرق منها وهو مكتف بوعد النائب العام .
الإيمان أو «مهرج نوتردام»
1
Bilinmeyen sayfa