فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى ".
وَسِيَاق هَذِه الْآيَات يقتضى أَن خلق حَوَّاء كَانَ قبل دُخُول آدم [إِلَى] (١) الْجنَّة لقَوْله: " وَيَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة " وَهَذَا قد صرح بِهِ إِسْحَاق ابْن يَسَارٍ (٢) وَهُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَاتِ.
وَلَكِنْ حَكَى السّديّ عَن أبي صَالح وَأبي مَالك، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا: أُخْرِجَ إِبْلِيسُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأُسْكِنَ آدَمُ الْجَنَّةَ، فَكَانَ يمشى فِيهَا وحشى (٣) لَيْسَ لَهُ فِيهَا زَوْجٌ يَسْكُنُ إِلَيْهَا، فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَ رَأْسِهِ امْرَأَةٌ قَاعِدَةٌ خَلَقَهَا الله من ضلعه.
فَسَأَلَهَا مَا (٤) أَنْت؟ قَالَت: امْرَأَة.
قَالَ: وَلم خُلِقْتِ؟ قَالَتْ: لِتَسْكُنَ إِلَيَّ، فَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ يَنْظُرُونَ مَا بَلَغَ مِنْ عِلْمِهِ: مَا اسْمُهَا يَا آدَمُ؟ قَالَ: حَوَّاءُ، قَالُوا: وَلِمَ كَانَتْ
حَوَّاء؟ قَالَ لانها خلقت من شئ حَيٍّ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِهِ الْأَقْصَرِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ نَائِمٌ وَلَأَمَ مَكَانَهُ لَحْمًا.
وَمِصْدَاقُ هَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا، وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ... الْآيَةَ " وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ من نفس وَاحِدَة وَجعل مِنْهَا زَوجهَا
_________
(١) من ا.
(٢) ط: بشار.
وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) كَذَا بالاصول، وَلَعَلَّه على تَقْدِير مُبْتَدأ مَحْذُوف.
وَهُوَ وحشى.
(٤) ط: من أَنْت.
(*)
1 / 13