ولما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية، فراودوه على خلع يزيد، فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: ((إن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب. فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظبا على الصلاة، متحريا للخير يسأل عن الفقه، ملازما للسنة. قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعا لك. فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر لي الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم (لشركاؤه)، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا. قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم نكن رأيناه. فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة)). فقال: {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} ولست من أمركم في شيء. قالوا: ((فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك، فنحن نوليك أمرنا. فقال: ما استحل القتال على ما (تريدون) مني عليه تابعا ولا متبوعا. قالوا: فقد قاتلت مع أبيك فقال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه. فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا. فقال: لو أمرتهما قاتلت. قالوا: فقم معنا مقاما نحض الناس فيه على القتال. قال: سبحان الله آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذا ما نصحت الله في عباده. قالوا: إذا نكرهك. قال: إذا آمر الناس بتقوى الله وألا (يرضوا) المخلوق بسخط الخالق)) وخرج إلى مكة.
Sayfa 43