218

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Yayıncı

مكتبة الكليات الأزهرية

Yayın Yeri

القاهرة

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اُخْتُلِفَ فِي اتِّحَادِهِ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَمَنْ رَآهُمَا مُتَّحِدَيْنِ مَنَعَ مِنْ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ عَلَى أَجْزَائِهِمَا، وَمَنْ رَآهُمَا مُتَعَدِّدَيْنِ جَوَّزَ تَفْرِيقَ النِّيَّةِ عَلَى أَبْعَاضِهَا.
النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْعِشْرِينَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ التَّوْبَةُ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ أَحَدُهُمَا: النَّدَمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَالْمُخَالَفَةِ.
وَالثَّانِي: الْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ فِي الِاسْتِقْبَالِ.
وَالثَّالِثُ: إقْلَاعٌ عَنْ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ فِي الْحَالِ، فَهَذِهِ التَّوْبَةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ: الْعَزْمِ، وَالنَّدَمِ، وَالْإِقْلَاعِ، وَقَدْ تَكُونُ التَّوْبَةُ مُجَرَّدَ النَّدَمِ فِي حَقِّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْعَزْمِ وَالْإِقْلَاعِ فَلَا يَسْقُطُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ بِالْمَعْجُوزِ عَنْهُ، كَمَا لَا يَسْقُطُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْكَانِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ، وَذَلِكَ كَتَوْبَةِ الْأَعْمَى عَنْ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ، وَتَوْبَةِ الْمَجْبُوبِ عَنْ الزِّنَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ قَوْلِهِ ﵇: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، أَيْ إذَا أَمَرْتُكُمْ بِمَأْمُورٍ فَأْتُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَأْمُورِ مَا اسْتَطَعْتُمُوهُ، أَيْ مَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ، فَالْأَعْمَى وَالْمَجْبُوبُ قَادِرَانِ عَلَى النَّدَمِ عَاجِزَانِ عَنْ الْعَزْمِ وَالْإِقْلَاعِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِلتَّائِبِ إذَا ذَكَرَ ذَنْبَهُ الَّذِي تَابَ مِنْهُ أَنْ يُجَدِّدَ النَّدَمَ عَلَى فِعْلِهِ، وَالْعَزْمَ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ إلَى مِثْلِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ ﷺ: «إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ»، لَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ يُذْنِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، بَلْ مَعْنَاهُ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ وَتَكْرِيرُهَا عَنْ ذَنْبٍ وَاحِدٍ

1 / 220